في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة " قال: ولا يلتقط إلا الصغير، وقوله: " وأخاف أن يأكله الذئب " [يوسف: 13] وذلك [أمر] (1) يختص بالصغار، وقولهم: " أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون " [يوسف: 12].
الخامسة - الالتقاط تناول الشئ من الطريق، ومنه اللقيط واللقطة، ونحن نذكر من أحكامها ما دلت عليه الآية والسنة، وما قال في ذلك أهل العلم واللغة، قال ابن عرفة:
الالتقاط وجود الشئ على غير طلب، ومنه قوله تعالى: " يلتقطه بعض السيارة " أي يجده من غير أن يحتسبه. وقد اختلف العلماء في اللقيط، فقيل: أصله الحرية لغلبة الأحرار على العبيد، وروي عن الحسن بن علي أنه قضى بأن اللقيط حر، وتلا " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة " [يوسف: 20] وإلى هذا ذهب أشهب صاحب مالك، وهو قول عمر بن الخطاب، وكذلك روي عن علي وجماعة. وقال إبراهيم النخعي: إن نوى رقه فهو مملوك، وإن نوى الحسبة فهو حر. وقال مالك في موطئه: الأمر عندنا في المنبوذ أنه حر، وأن ولاءه لجماعة المسلمين، هم يرثونه ويعقلون عنه، وبه قال الشافعي، واحتج بقوله عليه السلام: " وإنما الولاء لمن أعتق " قال: فنفى الولاء عن غير المعتق. واتفق مالك والشافعي وأصحابهما على أن اللقيط لا يوالي أحدا، ولا يرثه أحد بالولاء. وقال أبو حنيفة وأصحابه وأكثر الكوفيين:
اللقيط يوالي من شاء، فمن ولاه فهو يرثه ويعقل عنه، وعند أبي حنيفة له أن ينتقل بولائه حيث شاء، ما لم يعقل عنه الذي والاه، فإن عقل عنه جناية لم يكن له أن ينتقل عنه بولائه أبدا. وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه: المنبوذ حر، فان أحب أن يوالي الذي التقطه والاه، وإن أحب أن يوالي غيره والاه، ونحوه عن عطاء، وهو قول ابن شهاب وطائفة من أهل المدينة، وهو حر. قال ابن العربي: إنما كان أصل اللقيط الحرية لغلبة الأحرار على العبيد، فقضى بالغالب، كما حكم أنه مسلم أخذا بالغالب، فإن كان في قرية فيها نصارى ومسلمون قال ابن القاسم: يحكم بالأغلب، فإن وجد عليه زي اليهود فهو يهودي، وإن وجد عليه زي النصارى فهو نصراني، وإلا فهو مسلم، إلا أن يكون أكثر أهل القرية