مع الأب وأن الابن يحجب أباه. وأنزلوا الجد بمنزلة الأب في الحجب والميراث إذا لم يترك المتوفى أبا أقرب منه في جميع المواضع. وذهب الجمهور إلى أن الجد يسقط بني الاخوة من الميراث، إلا ما روي عن الشعبي عن علي أنه أجرى بني الاخوة في المقاسمة مجرى الاخوة.
والحجة لقول الجمهور أن هذا ذكر لا يعصب أخته فلا يقاسم الجد كالعم وابن العم. قال الشعبي: أول جد ورث في الاسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مات ابن لعاصم بن عمر وترك أخوين فأراد عمر أن يستأثر بمال فاستشار عليا وزيدا في ذلك فمثلا له مثلا فقال:
لولا أن رأيكما اجتمع ما رأيت أن يكون ابني ولا أكون أباه. روى الدارقطني عن زيد ابن ثابت أن عمر بن الخطاب استأذن عليه يوما فأذن له، ورأسه في يد جارية له ترجله، فنزع رأسه، فقال له عمر: دعها ترجلك. فقال: يا أميرا لمؤمنين، لو أرسلت إلي جئتك.
فقال عمر إنما الحاجة لي، إني جئتك لتنظر في أمر الجد. فقال زيد: لا والله (1)! ما تقول فيه. فقال عمر: ليس هو بوحي حتى نزيد فيه وننقص، إنما هو شئ تراه (2)، فإن رأيته وافقني تبعته، وإلا لم يكن عليك فيه شئ. فأبى زيد، فخرج مغضبا وقال: قد جئتك وأنا أظن ستفرغ من حاجتي. ثم أتاه مرة أخرى في الساعة التي أتاه في المرة الأولى، فلم يزل به حتى قال: فسأكتب لك فيه. فكتبه في قطعة قتب (3) وضرب له مثلا. إنما مثله مثل شجرة تنبت على ساق واحدة، فخرج فيها غصن ثم خرج في غصن غصن آخر، فالساق يسقي الغصن، فإن قطعت الغصن الأول رجع الماء إلى الغصن، وإن قطعت الثاني رجع الماء إلى الأول. فأتى به فخطب الناس عمر ثم قرأ قطعة القتب عليهم ثم قال: إن زيد بن ثابت قد قال في الجد قولا وقد أمضيته. قال: وكان عمر أول جد كان، فأراد أن يأخذ المال كله، مال ابن ابنه دون إخوته، فقسمه بعد ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.