عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة يمشيان، فوجداني لا أعقل، فدعا بماء فتوضأ، ثم رش علي منه فأفقت. فقلت: كيف أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت (يوصيكم الله في أولادكم).
أخرجاه في الصحيحين. وأخرجه الترمذي وفيه (فقلت يا نبي الله كيف أقسم مالي بين ولدي؟ فلم يرد علي شيئا فنزلت (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) الآية.
قال: (حديث حسن صحيح). وفي البخاري عن ابن عباس أن نزول ذلك كان من أجل أن المال كان للولد، والوصية للوالدين، فنسخ ذلك بهذه الآيات. وقال مقاتل والكلبي: نزلت في أم كجة، وقد ذكرناها. السدي: نزلت بسبب بنات عبد الرحمن بن ثابت أخي حسان ابن ثابت. وقيل: إن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون إلا من لاقى الحروب وقاتل العدو، فنزلت الآية تبيينا (1) أن لكل صغير وكبير حظه. ولا يبعد أن يكون جوابا للجميع، ولذلك تأخر نزولها. والله أعلم. قال الكيا الطبري: وقد ورد (2) في بعض الآثار أن ما كانت الجاهلية تفعله من ترك توريث الصغير كان في صدر الاسلام إلى أن نسخته هذه الآية) ولم يثبت عندنا اشتمال الشريعة على ذلك، بل ثبت خلافه، فإن هذه الآية نزلت في ورثة سعد بن الربيع.
وقيل: نزلت في ورثة ثابت بن قيس بن شماس. والأول أصح عند أهل النقل. فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الميراث من العم، ولو كان ذلك ثابتا من قبل في شرعنا ما استرجعه. ولم يثبت قط في شرعنا أن الصبي ما كان يعطى الميراث حتى يقاتل على الفرس ويذب عن الحريم.
قلت: وكذلك قال القاضي أبو بكر بن العربي قال: ودل نزول هذه الآية على نكتة بديعة، وهو أن ما كانت [عليه (3)] الجاهلية تفعله من أخذ المال لم يكن في صدر الاسلام شرعا مسكوتا مقرا عليه، لأنه لو كان شرعا مقرا عليه لما حكم النبي صلى الله عليه وسلم على عم الصبيتين برد ما أخذ من مالهما، لان الاحكام إذا مضت وجاء النسخ بعدها إنما يؤثر في المستقبل فلا ينقض به ما تقدم وإنما كانت ظلامة رفعت (4). قاله ابن العربي.