قال أبو عمر: حجة من لم يوجب عليه كفارة إلا الاستغفار والتوبة اضطراب هذا الحديث عن ابن عباس، وأن مثله لا تقوم به حجة، وأن الذمة على البراءة، ولا يجب أن يثبت فيها شئ لمسكين ولا غيره إلا بدليل لا مدفع فيه ولا مطعن عليه، وذلك معدوم في هذه المسألة.
التاسعة - قوله تعالى: (ولا تقربوهن حتى يطهرن) قال ابن العربي: سمعت الشاشي في مجلس النظر يقول: إذا قيل لا تقرب (بفتح الراء) كان معناه: لا تلبس بالفعل، وإن كان بضم الراء كان معناه: لا تدن منه. وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه " يطهرن " بسكون الطاء وضم الهاء. وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبى بكر والمفضل " يطهرن " بتشديد الطاء والهاء وفتحهما. وفى مصحف أبى وعبد الله " يتطهرن ". وفى مصحف أنس بن مالك " ولا تقربوا النساء في محيضهن واعتزلوهن حتى يتطهرن ". ورجح الطبري قراءة تشديد الطاء، وقال: هي بمعنى يغتسلن، لاجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر. قال:
وإنما الخلاف في الطهر ما هو، فقال قوم: هو الاغتسال بالماء. وقال قوم: هو وضوء كوضوء الصلاة. وقال قوم: هو غسل الفرج، وذلك يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة، ورجح أبو على الفارسي قراءة تخفيف الطاء، إذ هو ثلاثي مضاد لطمث وهو ثلاثي.
العاشرة - قوله تعالى: (فإذا تطهرن) يعنى بالماء، وإليه ذهب مالك وجمهور العلماء، وأن الطهر الذي يحل به جماع الحائض الذي يذهب عنها الدم هو تطهرها بالماء كطهر الجنب، ولا يجزئ من ذلك تيمم ولا غيره، وبه قال مالك والشافعي والطبري ومحمد بن مسلمة وأهل المدينة وغيرهم. وقال يحيى بن بكير ومحمد بن كعب القرظي: إذا طهرت الحائض وتيممت حيث لا ماء حلت لزوجها وإن لم تغتسل. وقال مجاهد وعكرمة وطاوس:
انقطاع الدم يحلها لزوجها. ولكن بأن تتوضأ. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن انقطع دمها بعد مضى عشرة أيام جاز له أن يطأها قبل الغسل، وإن كان انقطاعه قبل العشرة