" فلا تعضلوهن ". وقال عليه السلام: " لا نكاح إلا بولي ". ولم يفرقوا بين دنية الحال (1) وبين الشريفة، لاجماع العلماء على أن لا فرق بينهما في الدماء، لقوله عليه السلام:
" المسلمون تتكافؤ دماؤهم ". وسائر الأحكام كذلك. وليس في شئ من ذلك فرق بين الرفيع والوضيع في كتاب ولا سنة.
الرابعة - واختلفوا في النكاح يقع على غير ولى ثم يجيزه الولي قبل الدخول، فقال مالك وأصحابه إلا عبد الملك: ذلك جائز، إذا كانت إجازته لذلك بالقرب، وسواء دخل أو لم يدخل.
هذا إذا عقد النكاح غير ولى ولم تعقده المرأة بنفسها، فإن زوجت المرأة نفسها وعقدت عقدة النكاح من غير ولى قريب ولا بعيد من المسلمين فإن هذا النكاح لا يقر أبدا على حال وإن تطاول وولدت الأولاد، ولكنه يلحق الولد إن دخل، ويسقط الحد، ولا بد من فسخ ذلك النكاح على كل حال. وقال ابن نافع عن مالك: الفسخ فيه بغير طلاق.
الخامسة - واختلف العلماء في منازل الأولياء وترتيبهم، فكان مالك يقول: أولهم البنون وإن سفلوا، ثم الآباء، ثم الاخوة للأب والام، ثم للأب، ثم بنو الاخوة للأب والام، ثم بنو الاخوة للأب، ثم الأجداد للأب وإن علوا، ثم العمومة على ترتيب الاخوة، ثم بنوهم على ترتيب بنى الاخوة وإن سفلوا، ثم المولى ثم السلطان أو قاضيه. والوصي مقدم في إنكاح الأيتام على الأولياء، وهو خليفة الأب ووكيله، فأشبه حاله لو كان الأب حيا. وقال الشافعي:
لا ولاية لاحد مع الأب، فإن مات فالجد، ثم أب أب الجد، لأنهم كلهم آباء. والولاية بعد الجد للاخوة، ثم الأقرب. وقال المزني: قال في الجديد: من انفرد بأم كان أولى بالنكاح، كالميراث. وقال في القديم: هما سواء.
قلت: وروى المدنيون عن مالك مثل قول الشافعي، وأن الأب أولى من الابن، وهو أحد قولي أبي حنيفة، حكاه الباجي. وروى عن المغيرة أنه قال: الجد أولى من الاخوة، والمشهور من المذهب ما قدمناه. وقال أحمد: أحقهم بالمرأة أن يزوجها أبوها، ثم الابن، ثم الأخ، ثم ابنه، ثم العم. وقال إسحاق: الابن أولى من الأب، كما قاله مالك، واختاره ابن المنذر، لان عمر بن أم سلمة زوجها بإذنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.