قال الكسائي: السلم والسلم بمعنى واحد، وكذا هو عند أكثر البصريين، وهما جميعا يقعان للاسلام والمسالمة. وفرق أبو عمرو بن العلاء بينهما، فقرأها هنا: " ادخلوا في السلم " وقال هو الاسلام. وقرأ التي في " الأنفال " والتي في سورة " محمد " صلى الله عليه وسلم " السلم " بفتح السين، وقال: هي بالفتح المسالمة. وأنكر المبرد هذه التفرقة. وقال عاصم الجحدري: السلم الاسلام، والسلم الصلح، والسلم الاستسلام. وأنكر محمد بن يزيد هذه التفريقات وقال: اللغة لا تؤخذ هكذا، وإنما تؤخذ بالسماع لا بالقياس، ويحتاج من فرق إلى دليل. وقد حكى البصريون: بنو فلان سلم وسلم وسلم، بمعنى واحد. قال الجوهري:
والسلم الصلح، يفتح ويكسر، ويذكر ويؤنث، وأصله من الاستسلام والانقياد، ولذلك قيل للصلح: سلم. قال زهير:
وقد قلتما إن ندرك السلم واسعا * بمال ومعروف من الامر نسلم ورجح الطبري حمل اللفظة على معنى الاسلام بما تقدم. وقال حذيفة بن اليمان في هذه الآية: الاسلام ثمانية أسهم، الصلاة سهم، والزكاة سهم، والصوم سهم، والحج سهم، والعمرة سهم، والجهاد سهم، والامر بالمعروف سهم، والنهى عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له في الاسلام. وقال ابن عباس: نزلت الآية في أهل الكتاب، والمعنى، يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى ادخلوا في الاسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم كافة. وفى صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم [يموت (1) و] لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ". و (كافة) معناه جميعا، فهو نصب على الحال من السلم أو من ضمير المؤمنين، وهو مشتق من قولهم: كففت أي منعت، أي لا يمتنع منكم أحد من الدخول في الاسلام.
والكف المنع، ومنه كفة القميص - بالضم - لأنها تمنع الثوب من الانتشار، ومنه كفة الميزان - بالكسر - التي تجمع الموزون وتمنعه أن ينتشر، ومنه كف الانسان الذي يجمع