فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال -: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ". فدل قوله: " وإياكم والغلو في الدين " على كراهة الرمي بالجمار الكبار، وأن ذلك من الغلو، والله أعلم.
الخامسة عشرة - ومن بقى في يده حصاة لا يدرى من أي الجمار هي جعلها من الأولى، ورمى بعدها الوسطى والآخرة، فإن طال استأنف جميعا.
السادسة عشرة - قال مالك والشافعي وعبد الملك وأبو ثور وأصحاب الرأي فيمن قدم جمرة على جمرة: لا يجزئه إلا أن يرمى على الولاء. وقال الحسن وعطاء وبعض الناس:
يجزئه. واحتج بعض الناس بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من قدم نسكا بين يدي نسك فلا حرج - وقال: - لا يكون هذا بأكثر من رجل اجتمعت عليه صلوات أو صيام فقضى بعضا قبل بعض ". والأول أحوط، والله أعلم.
السابعة عشرة - واختلفوا في رمى المريض والرمي عنه، فقال مالك: يرمى عن المريض والصبي اللذين لا يطيقان الرمي، ويتحرى المريض حين رميهم فيكبر سبع تكبيرات لكل جمرة وعليه الهدى، وإذا صح المريض في أيام الرمي رمى عن نفسه، وعليه مع ذلك دم عند مالك.
وقال الحسن والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي: يرمى عن المريض، ولم يذكروا هديا. ولا خلاف في الصبي الذي لا يقدر على الرمي أنه يرمى عنه، وكان ابن عمر يفعل ذلك.
الثامنة عشرة - روى الدارقطني عن أبي سعيد الخدري قال قلنا: يا رسول الله، هذه الجمار التي يرمى بها كل عام فنحسب أنها تنقص، فقال: " إنه ما تقبل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال ".
التاسعة عشرة - قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم على أن لمن أراد الخروج من الحاج من منى شاخصا إلى بلده خارجا عن الحرم غير مقيم بمكة في النفر الأول أن ينفر بعد زوال الشمس إذا رمى في اليوم الذي يلي يوم النحر (1) قبل أن يمسى، لان الله جل ذكره قال: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، فلينفر من أراد النفر ما دام في شئ من النهار. وقد روينا عن