أحوال العذر على السفر الذي هو غالب الاعذار، لا سيما في ذلك الوقت لكثرة الغزو، ويدخل في ذلك بالمعنى كل عذر. فرب وقت يتعذر فيه الكاتب في الحضر كأوقات أشغال الناس وبالليل، وأيضا فالخوف على خراب ذمة الغريم عذر يوجب طلب الرهن. وقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه عند يهودي طلب منه سلف الشعير فقال: إنما يريد محمد أن يذهب بمالي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كذب إني لأمين في الأرض أمين في السماء ولو ائتمنني لأديت اذهبوا إليه بدرعي) فمات ودرعه مرهونة صلى الله عليه وسلم، على ما يأتي بيانه آنفا.
الثانية - قال جمهور (1) من العلماء: الرهن في السفر بنص التنزيل، وفى الحضر ثابت بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا صحيح. وقد بينا جوازه في الحضر من الآية بالمعنى، إذا قد تترتب الاعذار في الحضر، ولم يرو عن أحد منعه في الحضر سوى مجاهد والضحاك وداود، متمسكين بالآية. ولا حجة فيها، لان هذا الكلام وإن كان خرج مخرج الشرط فالمراد به غالب الأحوال. وليس كون الرهن في الآية في السفر مما يحظر في غيره. وفى الصحيحين وغيرهما عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا له من حديد. وأخرجه النسائي من حديث ابن عباس قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير لأهله.
الثالثة - قوله تعالى: (ولم تجدوا كاتبا) قرأ الجمهور " كاتبا " بمعنى رجل يكتب.
وقرأ ابن عباس وأبى ومجاهد والضحاك وعكرمة وأبو العالية " ولم تجدوا كتابا ". قال أبو بكر الأنباري: فسره مجاهد فقال: معناه فإن لم تجدوا مدادا يعنى في الاسفار. وروى عن ابن عباس " كتابا ". قال النحاس: هذه القراءة شاذة والعامة على خلافها. وقلما يخرج شئ عن قراءة العامة إلا وفيه مطعن، ونسق الكلام على كاتب، قال الله عز وجل قبل هذا:
" وليكتب بينكم كاتب بالعدل " وكتاب يقتضى جماعة. قال ابن عطية: كتابا يحسن من حيث