الاحتياط المأمور به في الأموال عن النكاح، وهو أولى لما يتعلق به من الحل والحرمة والحد والنسب.
قلت: قول أبي حنيفة في هذا الباب ضعيف جدا، لشرط الله تعالى الرضا والعدالة، وليس يعلم كونه مرضيا بمجرد الاسلام، وإنما يعلم بالنظر في أحوال حسب ما تقدم. ولا يغتر بظاهر قوله: أنا مسلم. فربما انطوى على ما يوجب رد شهادته، مثل قوله تعالى: " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه " إلى قوله " والله لا يحب الفساد (1) ". وقال: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم " الآية (2).
السادسة والثلاثون - قوله تعالى: (أن تضل إحداهما) قال أبو عبيد: معنى تضل تنسى.
والضلال عن الشهادة إنما هو نسيان جزء منها وذكر جزء، ويبقى المرء حيران بين ذلك ضالا.
ومن نسى الشهادة جملة فليس يقال: ضل فيها. وقرأ حمزة " إن " بكسر الهمزة على معنى الجزاء، والفاء في قوله " فتذكر " جوابه، وموضع الشرط وجوابه رفع على الصفة للمرأتين والرجل، وارتفع " تذكر " على الاستئناف، كما ارتفع قوله " ومن عاد فينتقم الله منه (3) " هذا قول سيبويه.
ومن فتح " أن " فهي مفعول له والعامل [فيها (4)] محذوف. وانتصب " فتذكر " على قراءة الجماعة عطفا على الفعل المنصوب بأن. قال النحاس: ويجوز " تضل " بفتح التاء والضاد، ويجوز تضل بكسر التاء وفتح الضاد. فمن قال: " تضل " جاء به على لغة من قال: ضللت تضل.
وعلى هذا تقول تضل فتكسر التاء لتدل على أن الماضي فعلت. وقرأ الجحدري وعيسى ابن عمر " أن تضل " بضم التاء وفتح الضاد بمعنى تنسى، وهكذا حكى عنهما أبو عمرو الداني.
وحكى النقاش عن الجحدري ضم التاء وكسر الضاد بمعنى أن تضل الشهادة. تقول: أضللت الفرس والبعير إذا تلفا لك وذهبا فلم تجدهما.
السابعة والثلاثون - قوله تعالى: (فتذكر) خفف الذال والكاف ابن كثير وأبو عمرو، وعليه فيكون المعنى أن تردها ذكرا في الشهادة، لان شهادة المرأة نصف شهادة، فإذا شهدتا صار مجموعهما كشهادة ذكر (5)، قال سفيان بن عيينة وأبو عمرو بن العلاء. وفيه