مردود بما تعقبه من البيان، ذكره الماوردي وليست الألف في قوله " أو لم تؤمن " ألف استفهام وإنما هي ألف إيجاب وتقرير كما قال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا والواو واو الحال. و " تؤمن " معناه إيمانا مطلقا، دخل فيه فضل إحياء الموتى.
(قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) أي سألتك ليطمئن قلبي بحصول الفرق بين المعلوم برهانا والمعلوم عيانا. والطمأنينة: اعتدال وسكون، فطمأنينة الأعضاء معروفة، كما قال عليه السلام: (ثم اركع حتى تطمئن راكعا) الحديث. وطمأنينة القلب هي أن يسكن فكره في الشئ المعتقد. والفكر في صورة الاحياء غير محظور، كما لنا نحن اليوم أن نفكر [فيها (1)] إذ هي فكر فيها عبر فأراد الخليل أن يعاين فيذهب (2) فكره في صورة الاحياء. وقال الطبري: معنى " ليطمئن قلبي " ليوقن، وحكى نحو ذلك عن سعيد بن جبير، وحكى عنه ليزداد يقينا، وقاله إبراهيم وقتادة. وقال بعضهم: لازداد إيمانا مع إيماني. قال ابن عطية: ولا زيادة في هذا المعنى تمكن إلا السكون عن الفكر وإلا فاليقين لا يتبعض. وقال السدى وابن جبير أيضا: أولم تؤمن بأنك خليلي؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي بالخلة. وقيل: دعا أن يريه كيف يحيى الموتى ليعلم هل تستجاب دعوته، فقال الله له: أو لم تؤمن أنى أجيب دعاءك، قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي أنك تجيب (3) دعائي.
واختلف في المحرك له على ذلك، فقيل: إن الله وعده أن يتخذه خليلا فأراد آية على ذلك، قاله السائب بن يزيد (4). وقيل: قول النمروذ: أنا أحيى وأميت. وقال الحسن: رأى جيفة نصفها في البر توزعها السباع ونصفها في البحر توزعها دواب البحر، فلما رأى تفرقها أحب (5) أن يرى انضمامها فسأل ليطمئن قلبه برؤية كيفية الجمع كما رأى كيفية التفريق، فقيل له:
(خذ أربعة من الطير) قيل: هي الديك والطاووس والحمام والغراب، ذكر ذلك ابن إسحاق عن بعض أهل العلم، وقاله مجاهد وابن جريج وعطاء بن يسار وابن زيد. وقال ابن عباس مكان الغراب الكركي، وعنه أيضا مكان الحمام النسر. فأخذ هذه الطير حسب ما أمر وذكاها