التحريم بل يفسخ بينهما ثم تعتد منه، ثم يكون خاطبا من الخطاب. واحتجوا بإجماع العلماء على أنه لو زنى بها لم يحرم عليه تزويجها، فكذلك وطؤه إياها في العدة. قالوا: وهو قول على. ذكره عبد الرزاق. وذكر عن ابن مسعود مثله، وعن الحسن أيضا. وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن أشعث عن الشعبي عن مسروق أن عمر رجع عن ذلك وجعلهما يجتمعان. وذكر القاضي أبو الوليد الباجي في المنتقى فقال: لا يخلو الناكح في العدة إذا بنى بها أن يبنى بها في العدة أو بعدها، فإن كان بنى بها في العدة فإن المشهور من المذهب أن التحريم يتأبد، وبه قال أحمد بن حنبل. وروى الشيخ أبو القاسم في تفريعه أن في التي يتزوجها الرجل في عدة من طلاق أو وفاة عالما بالتحريم روايتين، إحداهما - أن تحريمه يتأبد على ما قدمناه. والثانية - أنه زان وعليه الحد، ولا يلحق به الولد، وله أن يتزوجها إذا انقضت عدتها، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة. ووجه الرواية الأولى - وهي المشهور - ما ثبت من قضاء عمر بذلك، وقيامه بذلك في الناس، وكانت قضاياه تسير وتنتشر وتنقل في الأمصار، ولم يعلم له مخالف، فثبت أنه إجماع. قال القاضي أبو محمد: وقد روى مثل ذلك عن علي بن أبي طالب، ولا مخالف لهما مع شهرة ذلك وانتشاره، وهذا حكم الاجماع. ووجه الرواية الثانية أن هذا وطئ ممنوع فلم يتأبد تحريمه، كما لو زوجت نفسها أو تزوجت متعة أو زنت.
وقد قال القاضي أبو الحسن: إن مذهب مالك المشهور في ذلك ضعيف من جهة النظر.
والله أعلم. وأسند أبو عمر: حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ عن محمد بن إسماعيل عن نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن أشعث عن الشعبي عن مسروق قال:
بلغ عمر بن الخطاب أن امرأة من قريش تزوجها رجل من ثقيف في عدتها فأرسل إليهما ففرق بينهما وعاقبهما وقال: لا تنكحها أبدا وجعل صداقها في بيت المال، وفشا ذلك في الناس فبلغ عليا فقال: يرحم الله أمير المؤمنين، ما بال الصداق وبيت المال! إنما جهلا فينبغي للامام أن يردهما إلى السنة. قيل: فما تقول أنت فيهما؟ فقال: لها الصداق بما استحل من فرجها، ويفرق بينهما ولا جلد عليهما، وتكمل عدتها من الأول، ثم تعتد من