قال علماؤنا: " قضى " لفظ مشترك، يكون بمعنى الخلق، قال الله تعالى: " فقضاهن سبع سماوات في يومين (1) " أي خلقهن. ويكون بمعنى الاعلام، قال الله تعالى: " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب (2) " أي أعلمنا. ويكون بمعنى الامر، كقوله تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه (2) ". ويكون بمعنى الالزام وإمضاء الاحكام، ومنه سمي الحاكم قاضيا.
ويكون بمعنى توفية الحق، قال الله تعالى: " فلما قضى موسى الاجل (3) ". ويكون بمعنى الإرادة، كقوله تعالى: " فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " أي إذا أراد خلق شئ. قال ابن عطية: " قضى " معناه قدر، وقد يجئ بمعنى أمضى، ويتجه في هذه الآية المعنيان على مذهب أهل السنة قدر في الأزل وأمضى فيه. وعلى مذهب المعتزلة أمضى عند الخلق والايجاد.
الرابعة - قوله تعالى: " أمرا " الامر واحد الأمور، وليس بمصدر أمر يأمر.
قال علماؤنا: والامر في القرآن يتصرف على أربعة عشر وجها:
الأول - الدين، قال الله تعالى: " حتى جاء الحق وظهر أمر الله (4) " يعني دين الله الاسلام.
الثاني - القول، ومنه قوله تعالى: " فإذا جاء أمرنا " يعني قولنا، وقوله:
" فتنازعوا أمرهم بينهم " يعني قولهم.
الثالث - العذاب، ومنه قوله تعالى: " لما قضي الامر (5) " يعني لما وجب العذاب بأهل النار.
الرابع - عيسى عليه السلام، قال الله تعالى: " إذا قضى أمرا (6) " يعني عيسى، وكان في علمه أن يكون من غير أب.
الخامس - القتل ببدر، قال الله تعالى: " فإذا جاء أمر الله (7) " يعني القتل ببدر، وقوله تعالى: " ليقضي الله أمرا كان مفعولا (8) " يعني قتل كفار مكة.
السادس - فتح مكة، قال الله تعالى: " فتربصوا حتى يأتي الله بأمره (9) " يعني فتح مكة.