وليست هذه " لولا " التي تعطي منع الشئ لوجود غيره، والفرق بينهما عند علماء اللسان أن " لولا " بمعنى التحضيض لا يليها إلا الفعل مظهرا أو مقدرا، والتي للامتناع يليها الابتداء، وجرت العادة بحذف الخبر. ومعنى الكلام هلا يكلمنا الله بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فنعلم أنه نبي فنؤمن به، أو يأتينا بآية تكون علامة على نبوته. والآية: الدلالة والعلامة، وقد تقدم (1). " الذين من قبلهم " اليهود والنصارى في قول من جعل " الذين لا يعلمون " كفار العرب، أو الأمم السالفة في قول من جعل " الذين لا يعلمون " اليهود والنصارى، أو اليهود في قول من جعل " الذين لا يعلمون " النصارى. " تشابهت قلوبهم " قيل:
في التعنيت والاقتراح وترك الايمان. وقال الفراء. " تشابهت قلوبهم " في اتفاقهم على الكفر.
" قد بينا الآيات لقوم يوقنون " تقدم (2).
قوله تعالى: إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحب الجحيم (119).
قوله تعالى: " إنا أرسلناك بالحق بشيرا " " بشيرا " نصب على الحال، " ونذيرا " عطف عليه، وقد تقدم معناهما (3). " ولا تسئل عن أصحاب الجحيم " قال مقاتل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أنزل الله بأسه باليهود لامنوا)، فأنزل الله تعالى: " ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " برفع تسأل، وهي قراءة الجمهور، ويكون في موضع الحال بعطفه على " بشيرا ونذيرا ". والمعنى إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا غير مسؤول. وقال سعيد الأخفش:
ولا تسأل (بفتح التاء وضم اللام)، ويكون في موضع الحال عطفا على " بشيرا ونذيرا ".
والمعنى: إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا غير سائل عنهم، لان علم الله بكفرهم بعد إنذارهم يغني عن سؤاله عنهم. هذا معنى غير سائل. ومعنى غير مسؤول لا يكون مؤاخذا بكفر من كفر بعد التبشير والانذار. وقال ابن عباس ومحمد بن كعب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: (ليت شعري ما فعل أبواي). فنزلت هذه الآية، وهذا على قراءة من قرأ " ولا تسأل " جزما على النهي، وهي قراءة نافع وحده، وفيه وجهان: