بعد ذلك ثمانين سنة). ومثل هذا لا يكون رأيا، وقد رواه الأوزاعي مرفوعا عن يحيى ابن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن مائة وعشرين سنة ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة).
ذكره أبو عمر (1). وروي مسندا مرفوعا من غير رواية يحيى من وجوه: (أنه اختتن حين بلغ ثمانين سنة واختتن بالقدوم (2). كذا في صحيح مسلم وغيره " ابن ثمانين سنة "، وهو المحفوظ في حديث ابن عجلان وحديث الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عكرمة: اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة. قال: ولم يطف بالبيت بعد على ملة إبراهيم إلا مختون، هكذا قال عكرمة وقاله المسيب بن رافع، ذكره المروزي. و " القدوم " يروي مشددا ومخففا. قال أبو الزناد: القدوم (مشددا): موضع.
الخامسة - واختلف العلماء في الختان، فجمهورهم على أن ذلك من مؤكدات السنن ومن فطرة الاسلام التي لا يسع تركها في الرجال. وقالت طائفة: ذلك فرض، لقوله تعالى: " أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ". قال قتادة: هو الاختتان، وإليه مال بعض المالكيين، وهو قول الشافعي. واستدل ابن سريج (3) على وجوبه بالاجماع على تحريم النظر إلى العورة، وقال: لولا أن الختان فرض لما أبيح النظر إليها من المختون. وأجيب عن هذا بأن مثل هذا يباح لمصلحة الجسم كنظر الطبيب، والطب ليس بواجب إجماعا، على ما يأتي في " النحل " بيانه إن شاء الله تعالى. وقد احتج بعض أصحابنا بما رواه الحجاج بن أرطاة عن أبي المليح عن أبيه عن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(الختان سنة للرجال مكرمة للنساء). والحجاج ليس ممن يحتج به.