الثامنة - اللام في قوله " لمن " بمعنى على، أي وجوب الدم على من لم يكن من أهل مكة، كقوله عليه السلام: (اشترطي لهم الولاء). وقوله تعالى: " وإن أسأتم فلها " (1) [الاسراء: 7] أي فعليها. وذلك إشارة إلى التمتع والقران للغريب عند أبي حنيفة وأصحابه، لا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام عندهم. ومن فعل ذلك كان عليه دم جناية لا يأكل منه، لأنه ليس بدم تمتع. وقال الشافعي: لهم دم تمتع (2) وقران. والإشارة ترجع إلى الهدى والصيام، فلا هدى ولا صيام عليهم. وفرق عبد الملك بن الماجشون بين التمتع والقران، فأوجب الدم في القران وأسقطه في التمتع، على ما تقدم عنه.
التاسعة - واختلف الناس في حاضري المسجد الحرام - بعد الاجماع على أن أهل مكة وما اتصل بها من حاضريه. وقال الطبري: بعد الاجماع على أهل الحرم. قال ابن عطية: وليس كما قال - فقال بعض العلماء: من كان يجب عليه الجمعة فهو حضري، ومن كان أبعد من ذلك فهو بدوي، فجعل اللفظة من الحضارة والبداوة. وقال مالك وأصحابه هم أهل مكة وما اتصل بها خاصة. وعند أبي حنيفة وأصحابه: هم أهل المواقيت ومن وراءها من كل ناحية، فمن كان من أهل المواقيت أو من أهل ما وراءها فهم من حاضري المسجد الحرام. وقال الشافعي وأصحابه: هم من لا يلزمه تقصير الصلاة من موضعه إلى مكة، وذلك أقرب المواقيت. وعلى هذه الأقوال مذاهب السلف في تأويل الآية.
العاشرة - قوله تعالى: " واتقوا الله " أي فيما فرضه عليكم. وقيل: هو أمر بالتقوى على العموم، وتحذير من شدة عقابه.
قوله تعالى: الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب (197)