أي كخلالة أبي مرحب، فحذف. وقيل: المعنى ولكن ذا البر، كقوله تعالى: " هم درجات عند الله (1) " [آل عمران: 163] أي ذوو درجات. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وفرضت الفرائض وصرفت القبلة إلى الكعبة وحدت الحدود أنزل الله هذه الآية فقال: ليس البر كله أن تصلوا ولا تعملوا غير ذلك، ولكن البر - أي ذا البر - من آمن بالله، إلى آخرها، قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وعطاء وسفيان والزجاج أيضا. ويجوز أن يكون " البر " بمعنى البار والبر، والفاعل قد يسمى بمعنى المصدر، كما يقال: رجل عدل، وصوم وفطر.
وفي التنزيل: " إن أصبح ماؤكم غورا (2) " [الملك: 30] أي غائرا، وهذا اختيار أبي عبيدة. وقال المبرد:
لو كنت ممن يقرأ القرآن لقرأت " ولكن البر " بفتح الباء.
الرابعة - قوله تعالى: " والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين " فقيل:
يكون " الموفون " عطفا على " من " لان من في موضع جمع ومحل رفع، كأنه قال: ولكن البر المؤمنون والموفون، قاله الفراء والأخفش. " والصابرين " نصب على المدح، أو بإضمار فعل.
والعرب تنصب على المدح وعلى الذم كأنهم يريدون بذلك إفراد الممدوح والمذموم ولا يتبعونه أول الكلام، وينصبونه. فأما المدح فقوله: " والمقيمين الصلاة (3) " [النساء: 162]. وأنشد الكسائي:
وكل قوم أطاعوا أمر مرشدهم * إلا نميرا أطاعت أمر غاويها الظاعنين ولما يظعنوا أحدا * والقائلون لمن دار نخليها وأنشد أبو عبيدة:
لا يبعدن قومي الذين هم * سم العداة وآفة الجزر (4) النازلين بكل معترك * والطيبون معاقد الأزر وقال آخر:
* نحن بني ضبة أصحاب الجمل *