على وجه الحرابة أو القطع، أو في قطع رحم أو طالب إثم - باغ ومعتد، فلم توجد فيه شروط الإباحة، والله أعلم ".
قلت: هذا استدلال بمفهوم الخطاب، وهو مختلف فيه بين الأصوليين، ومنظوم الآية أن المضطر غير باغ ولا عاد لا إثم عليه، وغيره مسكوت عنه، والأصل عموم الخطاب، فمن ادعى زواله لأمر ما فعليه الدليل.
الرابعة وثلاثون (1) - قوله تعالى: " فإن الله غفور رحيم " أي يغفر المعاصي، فأولى لا يؤاخذ بما رخص فيه، ومن رحمته أنه رخص.
قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (174).
قوله تعالى: " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب " يعني علماء اليهود، كتموا ما أنزل الله في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وصحة رسالته. ومعنى " أنزل ": أظهر، كما قال تعالى: " ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله (2) " [الانعام: 93] أي سأظهر. وقيل: هو على بابه من النزول، أي ما أنزل به ملائكته على رسله. " ويشترون به " أي بالمكتوم " ثمنا قليلا " يعني أخذ الرشاء. وسماه قليلا لانقطاع مدته وسوء عاقبته. وقيل: لان ما كانوا يأخذونه من الرشاء كان قليلا.
قلت: وهذه الآية وإن كانت في الاخبار فإنها تتناول من المسلمين من كتم الحق مختارا لذلك بسبب دنيا يصيبها، وقد تقدم (3) هذا المعنى.
قوله تعالى: " في بطونهم " ذكر البطون دلالة وتأكيدا على حقيقة الاكل، إذ قد يستعمل مجازا في مثل أكل فلان أرضى ونحوه. وفي ذكر البطون أيضا تنبيه على جشعهم