المسلمين وما شاكله. وهذا صحيح، فإن أصل البغى في اللغة قصد الفساد، يقال: بغت المرأة تبغي بغاء إذا فجرت، قال الله تعالى: " ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء (1) " [النور: 33]. وربما استعمل البغي في طلب غير الفساد. والعرب تقول: خرج الرجل في بغاء إبل له، أي في طلبها، ومنه قول الشاعر:
لا يمنعك من بغاء * الخير تعقاد الرتائم إن الأشائم كالأيامن * والأيامن كالأشائم الحادية والثلاثون - قوله تعالى: " ولا عاد " أصل " عاد " عائد، فهو من المقلوب، كشاكي السلاح وهار ولاث. والأصل شائك وهائر ولائت، من لثت العمامة. فأباح الله في حالة الاضطرار أكل جميع المحرمات لعجزه عن جميع المباحات كما بينا، فصار عدم المباح شرطا في استباحة المحرم.
الثانية والثلاثون - واختلف العلماء إذا اقترن بضرورته معصية، بقطع طريق وإخافة سبيل، فحظرها عليه مالك والشافعي في أحد قوليه لأجل معصيته، لان الله سبحانه أباح ذلك عونا، والعاصي لا يحل أن يعان، فإن أراد الاكل فليتب وليأكل. وأباحها له أبو حنيفة والشافعي في القول الاخر له، وسويا في استباحته بين طاعته ومعصيته. قال ابن العربي: وعجبا ممن يبيح له ذلك مع التمادي على المعصية، وما أظن أحدا يقوله، فإن قاله فهو مخطئ قطعا.
قلت: الصحيح خلاف هذا، فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه، قال الله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم (29 " [النساء: 29] وهذا عام، ولعله يتوب في ثاني حال فتمحو التوبة عنه ما كان. وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل حتى مات دخل النار، إلا أن يعفو الله عنه. قال أبو الحسن الطبري المعروف بالكيا: وليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة بل هو عزيمة واجبة، ولو امتنع من أكل الميتة كان عاصيا،