صلى الله عليه وسلم بدفن دمه حيث احتجم كي لا تبحث عنه الكلاب. حدثنا بذلك أبي رحمه الله تعالى قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا الهنيد بن القاسم بن عبد الرحمن بن ماعز قال: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يقول إن أباه حدثه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: (يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد). فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمد إلى الدم فشربه، فلما رجع قال:
(يا عبد الله ما صنعت به؟). قال: جعلته في أخفى مكان ظننت أنه خافيا عن الناس.
قال: (لعلك شربته؟) قال نعم. قال: (لم شربت الدم، [ويل للناس منك (1) و] ويل لك من الناس). حدثني أبي قال: حدثنا مالك بن سليمان الهروي قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بدفن سبعة أشياء من الانسان: الشعر، والظفر، والدم، والحيضة، والسن، والقلفة، والبشيمة.
وأما قوله: (نقوا براجمكم) فالبراجم تلك الغضون من المفاصل، وهي مجتمع الدرن (واحدها برجمة) وهو ظهر عقدة كل مفصل، فظهر العقدة يسمى برجمة، وما بين العقدتين تسمى راجبة، وجمعها رواجب، وذلك مما يلي ظهرها، وهي قصبة الإصبع، فلكل أصبع برجمتان وثلاث رواجب إلا الابهام فإن لها برجمة وراجبتين، فأمر بتنقيته لئلا يدرن فتبقى فيه الجنابة، ويحول الدرن بين الماء والبشرة.
وأما قوله: (نظفوا لثاتكم) فاللثة واحدة، واللثات جماعة، وهي اللحمة فوق الأسنان ودون الأسنان، وهي منابتها. والعمور: اللحمة القليلة بين السنين، واحدها عمر. فأمر بتنظيفها لئلا يبقى فيها وضر الطعام فتتغير عليه النكهة وتتنكر الرائحة، ويتأذى الملكان، لأنه طريق القرآن، ومقعد الملكين عند نابيه. وروي في الخبر في قوله تعالى: " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (2) " قال: عند نابيه. حدثنا بذلك محمد بن علي الشقيقي قال: سمعت أبي يذكر ذلك عن سفيان بن عيينة، وجاد ما قال، وذلك أن اللفظ هو عمل الشفتين يلفظ