والمستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة، وهذا الحديث يرويه جعفر بن سليمان. قال العقيلي: في حديثه نظر. وقال أبو عمر فيه: ليس بحجة، لسوء حفظه وكثرة غلطه.
وهذا الحديث ليس بالقوي من جهة النقل، ولكنه قد قال به قوم، وأكثرهم على ألا توقيت في ذلك، وبالله التوفيق.
السابعة عشرة - قوله تعالى: " إني جاعلك للناس إماما " الامام: القدوة، ومنه قيل لخيط البناء: إمام، وللطريق: إمام، لأنه يؤم فيه للمسالك، أي يقصد. فالمعنى:
جعلناك للناس إماما يأتمون بك في هذه الخصال، ويقتدي بك الصالحون. فجعله الله تعالى إماما لأهل طاعته، فلذلك اجتمعت الأمم على الدعوى فيه - والله أعلم - أنه كان حنيفا.
الثامنة عشرة - قوله تعالى: " ومن ذريتي " دعاء على جهة الرغباء إلى الله تعالى، أي من ذريتي يا رب فاجعل. وقيل: هذا منه على جهة الاستفهام عنهم، أي ومن ذريتي يا رب ماذا يكون؟ فأخبره الله تعالى أن فيهم عاصيا وظالما لا يستحق الإمامة. قال ابن عباس: سأل إبراهيم عليه السلام أن يجعل من ذريته إمام، فأعلمه الله أن في ذريته من يعصي فقال: " لا ينال عهدي الظالمين ".
التاسعة عشرة - قوله تعالى: " ومن ذريتي " أصل ذرية، فعلية من الذر، لان الله تعالى أخرج الخلق من صلب آدم عليه السلام كالذر حين أشهدهم على أنفسهم. وقيل:
هو مأخوذ من ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا خلقهم، ومنه الذرية وهي نسل الثقلين، إلا أن العرب تركت همزها، والجمع الذراري. وقرأ زيد بن ثابت " ذرية " بكسر الذال و " ذرية " بفتحها. قال ابن جني أبو الفتح عثمان: يحتمل أصل هذا الحرف أربعة ألفاظ:
أحدها - ذرأ، والثاني - ذرر، والثالث - ذرو، والرابع ذري، فأما الهمزة فمن ذرأ الله الخلق، وأما ذرر فمن لفظ الذر ومعناه، وذلك لما ورد في الخبر (أن الخلق كان كالذر) وأما الواو والياء، فمن ذروت الحب وذريته يقالان جميعا، وذلك قوله تعالى: " فأصبح هشيما تدروه الرياح (1) " وهذا للطفه وخفته، وتلك حال لذر أيضا. قال الجوهري: