أحدهما: أحفوا، وهو لفظ محتمل التأويل. والثاني - قص الشارب، وهو مفسر، والمفسر يقضي على المجمل، وهو عمل أهل المدينة، وهو أولى ما قيل به في هذا الباب. روى الترمذي عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من شاربه ويقول: (إن إبراهيم خليل الرحمن كان يفعله). قال: هذا حديث حسن غريب. وخرج مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الفطرة خمس الاختتان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط). وفيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (1)). والأعاجم يقصون لحاهم، ويوفرون شواربهم أو يوفرونهما معا، وذلك عكس الجمال والنظافة. ذكر رزين عن نافع أن ابن عمر كان يحفي شاربه حتى ينظر إلى الجلد، ويأخذ هذين، يعني ما بين الشارب واللحية. وفي البخاري: وكان ابن عمر يأخذ من طول لحيته ما زاد على القبضة إذا حج أو اعتمر. وروى الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها. قال: هذا حديث غريب.
الثانية عشرة - وأما الإبط فسنته النتف، كما أن سنة العانة الحلق، فلو عكس جاز لحصول النظافة، والأول أولى، لأنه المتيسر المعتاد.
الثالثة عشرة - وفرق الشعر: تفريقه في المفرق (2)، وفي صفته صلى الله عليه وسلم: إن انفرقت عقيصته (3) فرق، يقال: فرقت الشعر أفرقه فرقا، يقول: إن انفرق شعر رأسه فرقه في مفرقه، فإن لم ينفرق تركه وفرة (4) واحدة. خرج النسائي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون شعورهم، وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشئ، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، أخرجه البخاري ومسلم عن أنس. قال القاضي عياض: سدل الشعر إرساله، والمراد به ها هنا عند العلماء إرساله على الجبين، واتخاذه كالقصة، والفرق في الشعر سنة، لأنه الذي رجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روي أن عمر بن عبد العزيز كان إذا انصرف من الجمعة