أقام على باب المسجد حرسا يجزون ناصية كل من لم يفرق شعره. وقد قيل: إن الفرق كان من سنة إبراهيم عليه السلام، فالله أعلم.
الرابعة عشرة - وأما الشيب فنور ويكره نتفه، ففي النسائي وأبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنتفوا الشيب ما من مسلم يشيب شيبة في الاسلام إلا كانت له نورا يوم القيامة وكتب الله له حسنة وحط عنه خطيئة).
قلت: وكما يكره نتفه كذلك يكره تغييره بالسواد، فأما تغييره بغير السواد فجائز، لقوله صلى الله عليه وسلم في حق أبي قحافة - وقد جئ به ولحيته كالثغامة (1) بياضا -: (غيروا هذا بشئ واجتنبوا السواد). ولقد أحسن من قال:
يسود أعلاها ويبيض أصلها * ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل وقال آخر:
يا خاضب الشيب بالحناء تستره * سل المليك له سترا من النار الخامسة عشرة - وأما الثريد فهو أزكى الطعام وأكثره بركة، وهو طعام العرب، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالفضل على سائر الطعام فقال: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام). وفي صحيح البستي عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت إذا ثردت غطته شيئا حتى يذهب فوره وتقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه أعظم للبركة).
السادسة عشرة - قلت: وهذا كله في معنى ما ذكره عبد الرزاق عن ابن عباس، وما قاله سعيد بن المسيب وغيره. ويأتي ذكر المضمضة والاستنشاق والسواك في سورة " النساء (2) " وحكم الاستنجاء في " براءة (3) " وحكم الضيافة في " هود (4) " إن شاء الله تعالى.
وخرج مسلم عن أنس قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة، قال علماؤنا: هذا تحديد في أكثر المدة،