لكونه حيا، بدلالة أنه لو كان معنى لجاز أن يكون حيا وحواسه صحيحة والموانع مرتفعة واللبس زائل ولو وجد المدركات فلا يدركها بأن لا يفعل فيه الادراك، وذلك يؤدي إلى السفسطة والشك في المشاهدات وأن لا يثق بشئ من المدركات، وما أدى إلى ذلك يجب أن يكون باطلا.
ويجب أيضا أن يكون سميعا بصيرا، لأنه حي لا آفة به. وفائدة السميع البصير أنه على صفة يجب معها أن يسمع المسموعات ويبصر المبصرات، وذلك يرجع إلى كونه حيا لا آفة به. وعلى هذا يوصف تعالى بذلك في الأزل ولو كان له بكونه سميعا بصيرا صفة زائدة على ما قلناه لجاز أن يكون الواحد منا حيا لا آفة به ولا يوصف بأنه سميع بصير، والمعلوم خلاف ذلك.
وأما سامع مبصر فمعناه أنه مدرك للمسموعات والمبصرات، وذلك يقتضي وجود المسموعات والمبصرات، ولذلك لا يوصف بهما في الأزل.
وأما شام وذائق فليس المراد بهما كونه مدركا، بل المستفاد بالشام أنه قرب الجسم المشموم إلى حاسة شمه، والذائق أنه قرب الجسم المذوق إلى حاسة ذوقه. ولذلك يقولون شممته فلم أجد له رائحة، وذقته فلم أجد له طعما ولا يقولون أدركته فلم أدركه لأنه مناقضة، وجرى مجرى قوله أصغيت إليه فلم أسمعه، فهاتان يكون؟ سبب الادراك على وجه دون أن يكون نفس الادراك.
ويجب أيضا أن يكون تعالى مريدا وكارها، لأنه ثبت أنه آمر وناه ومخبر والأمر لا يقع إلا ممن هو مريد للمأمور به، والنهي لا يقع نهيا إلا مع كراهية المنهي عنه، والخبر لا يقع خبرا إلا بإرادة كونه خبرا. بدلالة أن هذه الصيغ كلها توجد فيما ليس بأمر ولا نهي ولا خبر.