ولا يجوز أن يكون انتقل عنه، لأن الانتقال من صفات الجسم دون العرض، ولأنه لو انتقل لم يخلو إما أن يكون انتقل مع جواز ألا ينتقل أو وجب انتقاله.
ولو كان انتقاله جائزا لاحتاج إلى معنى كالجسم، وذلك يؤدي إلى إثبات معان لا نهاية لها، ولو وجب انتقاله لأدى إلى وجوب انتقال الجسم، والمعلوم أن الجسم لا يجب انتقاله إن لم ينقله ناقل، فلم يبق من الأقسام إلا أنه عدم.
ولو كان قديما لما جاز عدمه، لأنه قديم لنفسه، وصفات النفس لا يجوز خروج الموصوف عنها. ألا ترى أن السواد لا يجوز بياضا ولا الجوهر عرضا ولا الحركة اعتمادا وغير ذلك، لأن هذه الأشياء على ما هي عليه لنفسها فلا يجوز عليها التغيير. فلما ثبت عدمها على أنها لم تكن قديمة، وإذا لم تكن قديمة وجب كونها محدثة.
والذي يدل على الفصل الثالث - وهو أن الجسم لم يخل منها هو أنه معلوم ضرورة أن الأجسام للعالم لا تخلو من أن تكون مجتمعة أو مفترقة أو متحركة أو ساكنة، فثبت بذلك أنها لا تخلو من الاجتماع والافتراق.
ومن قال إن الأجسام كانت هيولي لا مجتمعة ولا مفترقة. ربما أشار بذلك إلى أنها كانت معدومة فسماها موجودة، كما يقولون موجود بالقوة وموجود في العلم، وذلك عندنا ليس بوجود في الحقيقة. ومتى أرادوا ذلك كان خلافا في العبارة لا يعتد به.
وأما الفصل الرابع فالعلم به ضرورة، لأن من المعلوم أن كل ذاتين وجدا معا ولم تسبق إحداهما الأخرى، فإن حكمهما حكم واحد [في الوجود] 1) ألا ترى أنا إذا فرضنا ميلاد زيد وعمرو في وقت واحد فلا يجوز مع ذلك أن يكون أحدهما أسبق من الآخر لأن ذلك متناقض، وكذلك إذا فرضنا أن الجسم