الأزل في جهة [من جهات] 1) العالم، لأن ما هي عليه من الحجم والجثة يوجب ذلك.
ثم لا يخلو كونها في تلك الجهة إما أن تكون للنفس أو لمعنى قديم أو لمعنى محدث أو الفاعل. فإذا بين فساد جميع ذلك علم أنها لم تكن قديمة ولا يجوز أن تكون في الأزل في جهة الفاعل، لأن من شأن الفاعل أن يتقدم على فعله، ولو تقدم فاعلها عليها لكانت محدثة، لأن القديم لا يمكن أن يتقدم عليه غيره، والمعنى المحدث لا يوجب صفة في الأزل.
وكونها في الجهة للنفس يوجب استحالة انتقالها، لأن صفات النفس لا يجوز تغيرها وزوالها، والمعلوم ضرورة صحة انتقالها، فبطل أن يكون كذلك للنفس.
ولا يجوز أن تكون كذلك لمعنى قديم، لأنها لو كانت كذلك لوجب إذا انتقل الجسم أن يبطل ذلك المعنى، لأن وجوده فيه على ما كان يوجب كونه في الجهتين، وذلك محال.
والانتقال لا يجوز على المعنى، لأنه من صفات الجسم.
فقد بطل جميع الأقسام، وفي بطلان جميعها بطلان كونها قديمة وثبوت كونها محدثة، لأنه لا واسطة بين الأمرين على ما بيناه.
(وبيان الطريقة الثانية) أن نبين أربعة فصول: أحدها أن في الأجسام معان غيرها، والثاني أن نبين أن تلك المعاني محدثة، والثالث أن نبين أن الجسم لم يسبقها في الوجود، والرابع أن ما لم يسبق المحدث يجب أن يكون محدثا.
والذي يدل على الفصل الأول: إنا نعلم أن الجسم يكون على صفات من