اجتماع وحركة فتتغير إلى أن يصير مفترقا وساكنا، فلا بد من أمر غيره، لأنه لو لم يكن أمر لبقي على ما كان عليه.
ولا يجوز أن يكون ذلك الأمر نفس الجسم، ولا ما يرجع إليه من وجود أو حدوث أو جسمية، لأن جميع ذلك يكون حاصلا مع انتقاله من جهة إلى غيرها، فكيف يكون هو المؤثر في تغير الصفات.
ولا يجوز أن يكون ذلك لعدم معنى، لأن عدم معنى لا اختصاص له بجسم دون جسم ولا بجهة دون غيرها، وكان يجب أن تتغير الأجسام كلها وتنتقل إلى جهة تغيرها، وذلك باطل.
ولا يجوز أن يكون كذلك بالفاعل، لأنه: إن أريد بذلك أنه فعل فيه معنى أوجب تغيره وانتقاله، فذلك وفاق وهو المطلوب. وإن أرادوا أن الفاعل جعله على هذه الصفات ولم يفعل معنى فذلك باطل، لأن من شأن ما يتعلق بالفاعل من غير توسط معنى أن يكون القادر عليه قادرا على إحداث تلك الذات.
ألا ترى أن من قدر على إحداث كلامه قدر على أن يجعله على جميع أوصافه من أمر ونهي وخبر وغير ذلك، وكلام الغير لما لم يكن قادرا على إحداثه لم يكن قادرا على جعله أمرا ونهيا وخبرا. والواحد منا يقدر على أن يجعل الجسم متحركا أو ساكنا أو مجتمعا أو متفرقا ولا يقدر على إحداثه، فدل ذلك على أن هذه الصفات غير متعلقة بالفاعل، فلم يبق بعد ذلك شئ يعقل إلا أنه صار كذلك لمعنى.
والذي يدل على حدوث ذلك المعنى أن المجتمع إذا فرق أو المتحرك إذا سكن لا يخلوا أن يكون ذلك المعنى الذي كان فيه باقيا كما كان أو انتقل عنه أو عدم. ولا يجوز أن يكون موجودا كما كان، لأن ذلك يوجب كونه مجتمعا متفرقا متحركا ساكنا، لوجود المعنيين معافيه في حالة واحدة، وذلك محال