النبوة مرتفعة عنه لم تجب الموالاة له باطنا. على أنه إنما يجب حمله على ما قالوه إذا لم يمكن حمله على ما تقتضيه اللغة، وقد بينا أنه إذا حمل على أنه مفترض الطاعة وأولى بتدبير الأمة كان محمولا على ما تشهد له اللغة ولا يحتاج إلى هذا التمحل.
فإذا فسدت الأقسام كلها لم يبق إلا أنه أراد فرض الطاعة والاستحقاق للإمامة. وقد قيل: أنه إذا كان من أقسامه فرض الطاعة والأولى بتدبير الأمة وجب حمل ذلك على جميعه إلا ما أخرجه الدليل. وأيضا فقد روي عن جماعة من الصحابة أنهم فهموا من الخبر فرض الطاعة والإمامة، منها قول عمر الذي قدمناه وذلك لا يليق إلا بما قلناه، ومنها قول حسان بن ثابت:
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم وأسمع بالرسول مناديا يقول ومن مولاكم ووليكم * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا إلهك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا فقال له قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا وقال قيس بن سعد بن عبادة:
قلت لما بغى العدو علينا * حسبنا ربنا ونعم الوكيل حسبنا ربنا الذي فتح البصرة * بالأمس والحديث طويل وعلي إمامنا وإمام * نسواننا أتى به التنزيل يوم قال النبي من كنت * مولاه فهذا مولاه خطب جليل وقول حسان كان بمرأى من النبي صلى الله عليه وآله ومستمع منه، فلو لم يرد به الإمامة لأنكر عليه وقال له غلطت ما أردت ذلك وأردت به كيت وكيت،