ألا ترى أن القائل إذا أقبل على جماعة فقال: ألستم تعرفون عبدي سالما، فإذا قالوا بلى، قال فاشهدوا أن عبدي حر. لم يفهم من كلامه إلا عتق العبد الذي تقدم تقريرهم على معرفته، ولو أراد غيره لكان ملغوا، وإذا قال لهم:
ألستم تعرفون ضيعتي الفلانية، فإذا قالوا بلى قال لهم فاشهدوا أن ضيعتي وقف لم يحمل ذلك إلا على الضيعة التي قررهم على معرفتها. هذا هو المعهود من الكلام الفصيح.
وليس لأحد أن يقول: أليس لو قال مصرحا بعد تقريرهم على فرض طاعته " فمن يجب عليه طاعتي فيحب عليا " كان جائزا، فهلا جاز ذلك في غير المصرح، وذلك أنه ليس كلما حسن في التصريح حسن في الاحتمال. ألا ترى أنه لو قال: ألستم تعرفون ضيعتي الفلانية، فإذا قالوا بلى، قال بعد ذلك فاشهدوا أن ضيعتي التي تحتها وقف. مصرحا بها كان ذلك جائزا مفيدا، أو لا يجوز ذلك مثل ذلك إذا قال كلاما محتملا على ما مضى بيانه، والفرق بين المصرح به والمكنى عنه واضح.
والذي يدل على أن لفظة " أولى " تفيد الإمامة وفرض الطاعة استعمال أهل اللغة، لأنهم يقولون " السلطان أولى بتدبير رعيته من غيره " و " ولد الميت أولى بميراثه من غيره ممن ليس بولد " و " المولى أولى بعبده من غيره " يعني بفرض طاعته عليه، ولا خلاف بين المفسرين أن قول النبي صلى الله عليه وآله " أولى بالمؤمنين من أنفسهم " 1) المراد به ومعناه أولى بتدبيرهم وفرض طاعتهم ولا يكون أحد أولى بتدبير الأمة إلا من كان نبيا أو إماما، وإذا لم يكن نبيا وجب أن يكون إماما.
وأيضا فلا خاف أن النبي عليه السلام كان أولى بنا من حيث فرض الطاعة،