فأخرجنا حال الحياة منها لمكان الإجماع على أنه لم يكن مع النبي عليه السلام إمام وبقي الباقي على عمومه.
وليس لأحد أن يحمله على بعد عثمان، لأن ذلك خلاف الإجماع، فإن أحدا من الأمة لم يثبت إمامته بهذا الخبر بعد عثمان دون ما قبله، ومن أثبت ذلك أثبته بالاختيار، ومن أثبت إمامته بهذا الخبر أثبتها بعد النبي إلى آخر عمره، فالفرق بين الأمرين خلاف الإجماع.
وليس لأحد أن يقول: قوله " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " يقتضي إثبات منزلة واحدة، لأنه لو أراد أكثر من ذلك لقال أنت مني بمنازل.
وذلك أن هذا يفسد من وجهين: أحدهما أنه لو أراد منزلة واحدة فدخول الاستثناء عليه دليل على أنه أراد أكثر من منزلة واحدة. والثاني أن الأمة بين قائلين: قائل يقول أن الخبر خرج على سبب فهو يقصره عليه، وقائل يقول المراد جميع المنازل. وإذا بينا فساد خروج الخبر على سبب ثبت القول الآخر.
والذي يدل على فساد ذلك أن رواية ما يذكره من السبب طريقه الآحاد، والخبر معلوم، ولو صح السبب لما وجب قصر الخبر على سببه عند أكثر المحققين.
وأيضا فقد روي هذا الخبر وأن النبي صلى الله عليه وآله قاله في مقام بعد مقام وفي أوقات لم يكن فيها السبب المدعي.
فإن قيل: لو أراد الخلافة لقال " أنت مني بمنزلة يوشع بن نون "، لأن هذه المنزلة كانت حاصلة ليوشع من موسى بعد وفاته.
قلنا هذا فاسد من وجوه:
أحدها: إذا كان الخبر دالا على ما قلناه على المراد فتمني أن يكون على وجه آخر اقتراح في الأدلة، وذلك لا يجوز وكان ذلك يلزم في أكثر الأدلة