منزلة مفردة لا توصف بأنها منزلة، كما لا توصف صلاة سادسة بأنها من الشرع على تقدير أنه لو تعبدنا بها لكانت من الشرع.
قلنا: المقدر إذا كان له سبب استحقاق يوصف بأنه منزلة. ألا ترى أن الدين المؤجل يوصف بأنه يستحق كما يوصف الدين الحال بذلك، ولا توصف الصلاة السادسة بأنها من الشرع لأن ليس بها سبب وجوب، ولو قال إذا كان بعد سنة فصلوا صلاة سادسة لوصفت بأنها من الشرع، وفرض الطاعة بعد الوفاة له سبب وجوب في الحال فجاز أن يوصف بأنه منزلة. ونظير ذلك أن يستخلف الخليفة ولي عهد بعده جاز أن يوصف بأن ذلك منزلة لولي العهد وكذلك من أوصى إلى غيره جاز أن يوصف بأنه يستحق الوصية إن كان التصرف واقفا إلى بعد الوفاة.
وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وآله جعل هذه المنازل لأمير المؤمنين بعده بقوله " لا نبي بعدي "، وكما أن من حق الاستثناء أن يخرج الكلام ما لولاه لكان ثابتا. ألا ترى أن القائل إذا قال " ضربت غلماني كلهم إلا زيدا في الدار " أفاد ضرب من ضربه في الدار وترك من تركه مثل ذلك، وإذا كان النبي عليه السلام جعل استثناء هذه المنازل بعده فيجب أن يثبت له ما عدا الاستثناء بعده.
والمعتاد من لفظة " بعدي " في العرف بعد الموت، كما يقولون: هذا وصيي بعدي وولي عهدي بعدي وأنت حر بعدي. فليس لأحد أن يقول: إن المراد ب " بعدي " بعد نبوتي، لما لو سلمنا أنه لو أراد بعد نبوتي لدخل فيه الأحوال كلها ومن جملتها بعد وفاته.
فإذا قيل: يلزم أن يكون مفترض الطاعة في الحال وأن يكون إماما.
قلنا: أما فرض الطاعة قد كان حاصلا له في الحال، وإنما لم يأمر لوجود النبي عليه السلام، وكونه إماما وإن اقتضاه في الحال فإنه يقتضيه أيضا بعد الوفاة