قوله [عز وجل]: (وعدده) قرأ الجمهور بتشديد الدال. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وابن يعمر بتخفيفها. وللمفسرين في معنى الكلام قولان.
أحدهما: أحصى عدده، قاله السدي.
والثاني: أعده لما يكفيه في السنين، قاله عكرمة. قال الزجاج: من قرأ " عدده " بالتشديد، فمعناه: عدده للدهور. ومن قرأ " عدده " بالتخفيف، فمعناه: جمع مالا وعدده. أي: وقوما اتخذهم أنصارا.
قوله [عز وجل]: (يحسب أن ماله أخلده) بمعنى يخلده، والمعنى: يظن ماله مانعا له من الموت، فهو يعمل عمل من لا يظن أنه يموت (كلا) أي: لا يخلده ماله ولا يبقى له (لينبذن) أي:
ليطرحن (في الحطمة) وهو اسم من أسماء جهنم. سميت بذلك لأنها لا تحطم ما يلقى فيها، أي: تكسره، فهي تكسر العظم بعد أكلها اللحم. ويقال للرجل الأكول: إنه لحطمة. وقرأ أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبو عبد الرحمن، والحسن، وابن أبي عبلة، وابن محيصن:
" لينبذان " بألف ممدودة، وبكسر النون، وتشديدها، أي: هو وماله.
قوله [عز وجل]: (التي تطلع على الأفئدة) أي: تأكل اللحم والجلود حتى تقع على الأفئدة فتحرقها. وقال الفراء: يبلغ ألمها الأفئدة. والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد، والعرب تقول: متى طلعت أرضنا؟ أي: بلغت. وقال ابن قتيبة: تطلع على الأفئدة، أي: تقوي عليها وتشرف. وخص الأفئدة، لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه، فأخبر أنهم في حال من يموت، وهم لا يموتون. وقد ذكرنا تفسير " المؤصدة " في سورة البلد.
قوله [عز وجل]: (في عمد) قرأ حمزة والكسائي، وعاصم، إلا حفصا بضم العين، وإسكان الميم. وقرأ الباقون بفتحهما. قال الفراء وهما حيطان للعمود وقرأ هارون عن ابن عمرو بضم العين واسكان الميم. قال المفسرون: وهي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار. و " في " بمعنى الباء. والمعنى: مطبقة بعمد. قال قتادة: وكذلك هو في قراءة عبد الله. وقال مقاتل:
أطبقت الأبواب عليهم، ثم شدت بأوتاد من حديد، حتى يرجع عليهم غمها وحرها. و " ممددة " صفة العمد، أي: أنها ممدودة مطولة، وهي أرسخ من القصيرة. وقال قتادة: هي عمد يعذبون بها في النار. وقال أبو صالح: " عمد ممدودة " قال: القيود الطوال.