واحتملت النكرة أن لا يكون لها فعل في كان وليس وأخواتها، ومن نصب جعل في تكن اسما مضمرا مجهولا مثل الهاء التي في قوله إنها إن تك قال: ومثله قوله: فإنها لا تعمى الابصار قال: ولو كان إن يك مثقال حبة كان صوابا، وجاز فيه الوجهان. وأما صاحب المقالة الأولى، فإن نصب مثقال في قوله، على أنه خبر، وتمام كان، وقال: رفع بعضهم فجعلها كان التي لا تحتاج إلى خبر.
وأولى القولين بالصواب عندي، القول الثاني: لان الله تعالى ذكره لم يعد عباده أن يوفيهم جزاء سيئاتهم دون جزاء حسناتهم، فيقال: إن المعصية إن تك مثقال حبة من خردل يأت الله بها، بل وعد كلا العاملين أن يوفيه جزاء أعمالهما. فإذا كان ذلك كذلك، كانت الهاء في قوله إنها بأن تكون عمادا أشبه منها بأن تكون كناية عن الخطيئة والمعصية.
وأما النصب في المثقال، فعلى أن في تك مجهولا، والرفع فيه على أن الخبر مضمر، كأنه قيل: إن تك في موضع مثقال حبة، لان النكرات تضمر أخبارها، ثم يترجم عن المكان الذي فيه مثقال الحبة.
وعنى بقوله: مثقال حبة: زنة حبة. فتأويل الكلام إذن: إن الامر إن تك زنة حبة من خردل من خير أو شر عملته، فتكن في صخرة، أو في السماوات، أو في الأرض، يأت بها الله يوم القيامة، حتى يوفيك جزاءه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21405 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل من خير أو شر.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله فتكن في صخرة فقال بعضهم: عنى بها الصخرة التي عليها الأرض وذلك قول روي عن ابن عباس وغيره، وقالوا: هي صخرة خضراء. ذكر من قال ذلك:
21406 - حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، قال: الصخرة خضراء على ظهر حوت.
21407 - حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك عن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن عبد الله، وعن