عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، قال: ثني أبي، عن أبيه، قال: خط رسول الله (ص) الخندق عام ذكرت الأحزاب، من أحمر الشيخين، طرف بني حارثة، حتى بلغ المذاد، ثم جعل أربعين ذراعا بين كل عشرة، فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلا قويا، فقال الأنصار: سلمان منا، وقال المهاجرون: سلمان منا، فقال النبي (ص): سلمان منا أهل البيت. قال عمرو بن عوف: فكنت أنا وسلمان وحذيفة بن اليمان والنعمان بن مقرن المزني، وستة من الأنصار، في أربعين ذراعا، فحفرنا تحت دوبار حتى بلغنا الصرى، أخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مروة، فكسرت حديدنا، وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان، ارق إلى رسول الله (ص)، فأخبره خبر هذه الصخرة، فإما أن نعدل عنها، فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيها بأمره، فإنا لا نحب أن نجاوز خطه. فرقي سلمان حتى أتى رسول الله (ص) وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال:
يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا، خرجت صخرة بيضاء من بطن الخندق، مروة، فكسرت حديدنا، وشقت علينا، حتى ما يجئ منها قليل ولا كثير، فمرنا فيها بأمرك، فإنا لا نحب أن نجاوز خطك. فهبط رسول الله (ص) مع سلمان في الخندق، ورقينا نحن التسعة على شفة الخندق، فأخذ رسول الله (ص) المعول من سلمان، فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها، يعني: لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله (ص) تكبير فتح، وكبر المسلمون. ثم ضربها رسول الله (ص) الثانية، فصدعها وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله (ص) تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله (ص) الثالثة، فكسرها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله (ص) تكبير فتح، ثم أخذ بيد سلمان فرقي، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد رأيت شيئا ما رأيته قط، فالتفت رسول الله (ص) إلى القوم، فقال:
هل رأيتم ما يقول سلمان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، بأبينا أنت وأمنا وقد رأيناك تضرب، فيخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر فنكبر، ولا نرى شيئا غير ذلك، قال: صدقتم