أوشك أن نستريح فيه وننعم فيه، فقال المشركون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: فتح مكة.
والصواب من القول في ذلك قول من قال: معناه: ويقولون متى يجئ هذا الحكم بيننا وبينكم، يعنون العذاب، يدل على أن ذلك معناه قوله: قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون ولا شك أن الكفار قد كان جعل الله لهم التوبة قبل فتح مكة وبعده، ولو كان معنى قوله متى هذا الفتح على ما قاله من قال: يعني به: فتح مكة، لكان لا توبة لمن أسلم من المشركين بعد فتح مكة، ولا شك أن الله قد تاب على بشر كثير من المشركين بعد فتح مكة، ونفعهم بالايمان به وبرسوله فمعلوم بذلك صحة ما قلنا من التأويل، وفساد ما خالفه. وقوله: إن كنتم صادقين يعني: إن كنتم صادقين في الذي تقولون من أنا معاقبون على تكذيبنا محمدا (ص)، وعبادتنا الآلهة والأوثان.
وقوله: قل يوم الفتح يقول لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهم يوم الحكم، ومجئ العذاب: لا ينفع من كفر بالله وبآياته إيمانهم الذي يحدثونه في ذلك الوقت. كما:
21572 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم قال: يوم الفتح إذا جاء العذاب.
21573 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد يوم الفتح يوم القيامة. ونصب اليوم في قوله قل يوم الفتح ردا على متى، وذلك أن متى في موضع نصب. ومعنى الكلام: أني حين هذا الفتح إن كنتم صادقين، ثم قيل يوم كذا، وبه قرأ القراء.
وقوله: ولا هم ينظرون يقول: ولا هم يؤخرون للتوبة والمراجعة. وقوله فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون يقول لنبيه محمد (ص): فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين بالله، القائلين لك: متى هذا الفتح، المستعجليك بالعذاب، وانتظر ما الله صانع بهم، إنهم منتظرون ما تعدهم من العذاب ومجئ الساعة. كما:
21574 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فأعرض عنهم، وانتظر إنهم منتظرون يعني يوم القيامة.
آخر تفسير سورة السجدة، ولله الحمد والمنة.