لطيفة يشير إلى العلاقة القريبة بينهما، وهكذا كان نوح (عليه السلام) يوضح لمخالفيه أمر التوحيد بالاستدلال عن طريق نظام الخلقة ويستدل كذلك بها على المعاد.
ثم يعود مرة أخرى إلى آيات الآفاق وعلامات التوحيد في هذا العالم الكبير، ويتحدث عن نعم وجود الأرض فيقول: والله جعل لكم الأرض بساطا (1).
ليست هي بتلك الخشونة بحيث لا يمكنكم الانتقال والاستراحة عليها، وليست بتلك النعومة بحيث تغطسون فيها، وتفقدون القدرة على الحركة، ليست حارقة وساخنة بحيث تلقون مشقة من حرها، وليست باردة بحيث تتعسر حياتكم فيها، مضافا إلى ذلك فهي كالبساط الواسع الجاهز المتوفر فيه جميع متطلباتكم المعيشية.
وليست الأراضي المسطحة كالبساط الواسع فحسب، بل بما فيها من الجبال والوديان والشقوق المتداخلة بعضها فوق البعض والتي يمكن العبور من خلالها.
لتسكنوا فيها سبلا فجاجا.
" فجاج " على وزن (مزاج)، وهو جمع فج، وبمعنى الوادي الفسيح بين الجبلين، وقيل الطريق الواسعة (2).
وبهذا فإن نوح (عليه السلام) يشير في خطابه تارة إلى العلامات الإلهية في السماوات والكواكب والسماوية، وتارة أخرى إلى النعم الإلهية الموجودة في البسيطة، وثالثة إلى وجود الإنسان الذي يعتبر بحد ذاته دليل على معرفة الله تعالى وإثبات المعاد، ولكن لم تؤثر أي من هذه الإنذارات والبشائر والرغائب والاستدلالات المنطقية في قلوب هؤلاء القوم المعاندين الذين استمروا