وينتقل البيان القرآني من السماء إلى الأرض، فيقول: وإذا البحار فجرت أي اتصلت.
مع أن البحار متصلة فيما بينها قبل حلول ذلك اليوم (ما عدا البحيرات)، لكن اتصالها سيكون بشكل آخر، حيث ستفيض جميعها وتتمزق حدودها وتصير بحرا واحدا لتشمل كل الأرض، بسبب الزلازل المرعبة وتحطم الجبال وسقوطها في البحار... هذا أحد تفاسير الآية السادسة من سورة التكوير (الآنفة الذكر) وإذا البحار سجرت.
وثمة احتمال آخر بخصوص الآية المبحوثة والآية (6) من سورة التكوير، يقول: يراد ب " فجرت " و " سجرت " الانفجار والاحتراق، لأن مياه البحار والمحيطات ستتحول إلى قطعة من نار لأهب.
وكما أشرنا سابقا، فالماء يتكون من عنصرين شديدي الإشتعال (الأوكسجين والهيدروجين) فلو تحلل الماء إلى عنصريه فسيكفيه شرارة صغيرة لجعله قطعة ملتهبة من النيران.
وتتناول الآية التالية عرضا لمرحلة القيامة الثانية، مرحلة تجديد الحياة وإحياء الموتى، فتقول: إذا القبور بعثرت... واخرج الموتى للحساب.
" بعثرت ": قلب ترابها وأثير ما فيها.
واحتمل (الراغب) في مفرداته: إن " بعثرت " تكونت من كلمتين، (بعث) و (أثيرت)، فجاء المعنى منهما، كقولنا: " بسملة " من " بسم " ولفظ الجلالة " الله ".
وعلى آية حال، فإننا نرى شبيه هذا المعنى قد ورد في سورة الزلزال:
وأخرجت الأرض أثقالها أي الأموات (بناء على المشهور من تفاسيرها)، وفي الآيتين (13 و 14) من سورة النازعات: فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة.
وتوضح الآيات إن إحياء الموتى وإخراجهم من القبور سيكون مفاجئا وسريعا.