(39) من سورة الشعراء، والتي تناولت نفس الموضوع: وقيل للناس هل أنتم مجتمعون.
ولم يكتف فرعون بكذبه وعصيانه، ومقاومته لدعوة الحق والوقوف أمامها، بل وتعدى حدود المخلوق بصورة مفرطة جدا، وافترى على الله وعلى نفسه بأقبح ادعاء، حينما ادعى نفسه الربوبية على شعبه وأمرهم بطاعته!: فقال أنا ربكم الأعلى.
نعم.. فحينما يقبع المتجبر في عرش الغرور، وحينما تلفه أمواج الأنانية المفرطة، حينها.. سيجرفه تيار الإفراط لأن يدعي لنفسه الربوبية، بل ويجره فقدان بصيرته، وانحسار فطرته بين ظلمات أنانيته لأن يدعي أنه (رب الأرباب)!!
وأوصل فرعون قولته إلى الناس ليخبرهم بأنه لا يعارض ما لهم من أصنام يعبدونها، لكنه فوقها جميعا فهو (المعبود الأعلى)!
وألطف ما في الأمر، إن فرعون نفسه كان أحد عبدة الأصنام، بشهادة الآية (127) من سورة الأعراف: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك، فادعاءه بأنه (الرب الأعلى) قد سرى حكمه حتى على آلهته لتكون من عبيده!.. نعم، فهكذا هو هذيان الطواغيت.
وقد ادعى فرعون بأكثر من (رب الأرباب)، ليضيف إلى هذيان الطغاة حماقة، حينما ورد قوله في الآية (38) من سورة القصص: ما علمت لكم من إله غيري!...
وعلى أية حال، فقد حل بفرعون منتهى التكبر والطغيان، فأخذه جبار السماوات والأرض سبحانه أخذ عزيز مقتدر: فأخذه الله نكال الآخرة والأولى (1)