السماء بناها (1).
والآية في واقعها جواب لما ذكر من وقولهم في الآيات السابقة: أإنا لمردودون في الحافرة - أي هل يمكن أن نعود إلى حالتنا الأولى - فكل إنسان ومهما بلغت مداركه ومشاعره من مستوى، ليعلم أن خلق السماء وما يسبح فيها من نجوم وكواكب ومجرات، لهو أعقد وأعظم من خلق الإنسان... وإذا فمن له القدرة على خلق السماء وما فيها من حقائق، أيعقل أن يكون عاجزا عن إعادة الحياة مرة أخرى إلى الناس؟!
ويضيف القرآن في بيان خلق السماء، فيقول شارحا بتفصيل: رفع سمكها فسواها.
" سمك ": - على وزن سقف - لغة: بمعنى الارتفاع، وجيئت بمعنى (السقف) أيضا، وعلى قول الفخر الرازي في تفسيره: إن الشئ المرتفع لو قيس ارتفاعه من الأعلى إلى الأسفل فالنتيجة تسمى (عمق)، أما لو قيس الارتفاع من الأسفل إلى الأعلى فهو (سمك) (2).
" سواها ": من (التسوية)، بمعنى التنظيم، وهي تشير إلى دقة التنظيم الحاكمة على الأجرام السماوية، وإذا اعتبرنا " سمكها " بمعنى " سقفها "، فهي إشارة إلى الغلاف الجوي الذي حف وأحاط بالكرة الأرضية كالسقف المحكم البناء، والذي يحفظها من شدة آثار الأحجار السماوية، والشهب، والأشعة الكونية والمميتة والمتساقطة عليها باستمرار.
وقيل: إن " سواها " إشارة إلى كروية السماء وإحاطتها بالأرض، حيث أن التسوية هنا تعني تساوي الفاصلة بين أجزاء هذا السقف نسبة إلى المركز الأصلي (الأرض)، ولا يتحقق ذلك من دون كروية الأرض وما حولها (السماء).