ولكن، ما الآية الكبرى؟ هل هي عصا موسى (عليه السلام) التي تحولت إلى أفعى عظيمة، أو إخراج يده بيضاء، أم كليهما؟ (على اعتبار أن الألف واللام في " الآية الكبرى " إشارة إلى الجنس). وعلى أية حال، فالمهم في المسألة إن موسى (عليه السلام) استند في بدء دعوته على معجزة " الآية الكبرى ".
لقد وردت في الآيات الأربعة المذكورة جملة ملاحظات، هي:
1 - طغيان فرعون يمثل علة الأمر الإلهي لذهاب موسى (عليه السلام) إليه... وتبين لنا هذه الملاحظة: إن من جملة الأهداف المهمة في حركة الأنبياء هي هداية الطغاة أو مجاهدتهم.
2 - راح موسى (عليه السلام) يدعو فرعون بلين ورفق وأسلوب جميل، وبأسلوب مرغب دعاه لأن يتطهر (طهارة مطلقة من الشرك والكفر، ومن الظلم والفساد) وتنقل لنا الآية (44) من سورة طه هذا المعنى: فقولا له قولا لينا.
3 - وثمة إشارة لطيفة وردت بخصوص رسالة الأنبياء (عليهم السلام)، فدعوتهم للحق تعتمد على محاولة تطهير الناس وإعادتهم إلى فطرتهم السليمة.
كما وأشار البيان القرآني إلى أن المخاطبة قد تمت بكلمة " تزكي " بدلا من (أزكيك)، للدلالة على أن التزكية الحقة إنما هي تلك النابعة من الذات، ولا تبنى بأسس موضوعية خارجية.
4 - ذكرت الهداية بعد التزكية، للدلالة على أن التزكية مقدمة وبمثابة الأرضية المهيئة للهداية.
5 - إن تعبير " إلى ربك " في حقيقة تأكيد على أن من أهديك إليه هو مالكك ومربيك، فلم الميل عنه؟!
6 - " الخشية " نتيجة للهداية: وأهديك إلى ربك فتخشى، وبما أن الخشية لا تحصل إلا بمعرفة حقة، فتكون ثمرة شجرة الهداية والتوحيد هي الإحساس بالمسؤولية الملقاة على العواتق أمام جبار السماوات والأرض، ولهذا تقول الآية