يقولون أإنا لمردودون في الحافرة.
" الحافرة ": من (الحفر)، بمعنى شق الأرض، وما ينتج من ذلك يسمى (حفرة)، يقال: حافر الفرس، تشبيها لحفرة الأرض في عدوه، و " الحافرة ": كناية لمن يرد من حيث جاء، كما لو سار إنسان على أرض، فيترك فيها حفرا لتحمل آثار قدمه، ثم يعود إلى نفس تلك الحفر، فالحافرة: تعني الحالة الأولى (1).
وتستمر الآية في سرد كلامهم: أإذا كنا عظاما نخرة (2).
فهكذا هو حال ودأب منكري المعاد وعلى الدوام باستفسارهم الدائم حول المعاد، وبقولهم المعروف: كيف للعظام البالية النخرة والتي تحولت إلى ذرات تراب أن تعود مرة أخرى جسما كاملا، والأكثر من هذا.. أن تسري فيه الحياة ولكنهم لم يفقهوا إلى أنهم خلقوا من ذلك التراب، فكيف أصبحوا بهذه الهيئة الحية بعد أن لم يكونوا شيئا؟
" نخرة ": صفة مشبهة، من (النخر)، بمعنى الشجرة المجوفة البالية، والتي إذا دخل فيها الهواء أعطت صوتا معينا، مثله (النخير)، وعمم الاستعمال ليشمل كل شئ بال في حال تآكل وتلاش.
ولا يكتفي منكرو المعاد بحال الاعتراض على ما وعدهم به الباري سبحانه، بل وتحولوا إلى حال الاستهزاء بأحد أصول دين الله!: قالوا تلك إذا كرة خاسرة.
وثمة احتمال آخر في تفسير هذه الآية يقول: إنهم جادون في قولتهم غير مستهزئين، لأنهم يعتقدون أن لو كان ثمة عود ورجعة فهي عبث زائد وخاسر، إذ لو كانت الحياة الطيبة هي التي نعيشها، فلماذا لا تخلد؟ وإن كانت سيئة فما فائدة العود؟