وبعد ذكر نعمة النور والحرارة يتناول القرآن نعمة حياتية أخرى لها ارتباط بأشعة الشمس، ويقول: وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا.
" المعصرات ": جمع " معصر "، من العصر بمعنى الضغط.. والكلمة تشير إلى أن الغيوم تقوم بعملية وكأنها تعصر نفسها عصرا لكي ينهمر منها الماء على شكل أمطار (1) (ينبغي ملاحظة أن " المعصرات " جاءت بصيغة اسم فاعل).
وفسرها بعضهم بالغيوم المستعدة لإنزال الأمطار، باعتبار أن اسم الفاعل يأتي في بعض الأحيان بمعنى الاستعداد للقيام بعمل ما.
وقال بعض آخر: إن " المعصرات " ليست صفة للغيوم، وإنما للرياح التي تقوم بضغط وعصر الغيوم.
" الثجاج ": من الثج، بمعنى سيلان الماء بكمية كبيرة، و " ثجاج " صيغة مبالغة، ويراد بها هنا غزارة الأمطار المنهمرة نتيجة العصر الحاصل للغيوم.
وبالإضافة لكون المطر منبعا لكثير من مصادر الخير والبركة، فهو: ملطف للجو، مزيل للتلوثات الموجودة في الجو، مخفض للحرارة ومعدل للبرودة، مقلل لأسباب الأمراض، يمنح الإنسان روحا متجددة ونشاطا، ومع كل ذلك..
فقد ذكر القرآن ثلاث فوائد أخرى له: لنخرج به حبا ونباتا.
وجنات ألفافا.
يقول الراغب في مفرداته: " ألفافا ": أي التف بعضها ببعض لكثرة الشجر (2).
والآيتان تشيران إلى ما يستفيد منه الإنسان والحيوان من المواد الغذائية التي تخرج من الأرض، فالحبوب الغذائية تشكل قسما مهما من المواد الغذائية