إن الإيمان بوجود محكمة العدل الإلهي تدفع الإنسان لأن: يتحرك ضميره، تتيقظ نفسه من غفلتها الماكرة، تحيى فيه روحية التقوى فيه ويتحسس عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فيبدأ بتشخيص وظائفه وتكاليفه الشرعية للقيام بها على أحسن وجه.
وأساسا فإن شيوع الفساد في أي محيط يرجع إلى أمرين: ضعف التوجيه والمراقبة، وفقدان القوة القضائية الرادعة، فإذا خضعت أعمال الناس إلى توجيه مبرمج يقظ، بالإضافة إلى توفر القوانين القضائية الصارمة لكل من يشذ عن جادة القانون، فإن الفساد والاعتداء والطغيان والحال هذه يكاد ينعدم في ذلك المحيط.
الحياة الدنيوية التي تفعم ببرنامج موجه إلى طريق الحق، وقوة قضائية ساعية لرضوانه جل شأنه، وعاملة على خدمة البشرية، تدفع الإنسان لأن يدرك بوضوح مصاديق الهداية الإلهية، ويشعر لذة حياته الروحية.
فالإيمان بوجود من: لا يعزب عنه مثقال ذرة (1)، والإيمان بحتمية " المعاد " الذي تصدقه الآية: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (2)، فهكذا الإيمان كفيل بأن يخلق في الإنسان حالة التقوى التي هي بمثابة مركز للإشعاع الرباني على جميع أبعاد حياته.
* * *