الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شئ قدير.
ثم يعود في النهاية ليكرر تلك الآية وهو قوله: ويل يومئذ للمكذبين الويل لأولئك الذين يرون آثار قدرة الله تعالى ثم ينكرونها، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):
" أيها المخلوق السوي، والمنشأ المرعي في ظلمات الأرحام ومضاعف الأستار، بدئت من سلالة من طين، ووضعت في قرار مكين، إلى قدر معلوم، وأجل مقسوم، تمور في بطن أمك جنينا لا تحير دعاء، ولا تسمع نداء، ثم أخرجت من مقرك إلى دار لم تشهدها، ولم تعرف سبل منافعها، فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي أمك، وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك وإرادتك؟! " (1).
ثم يقول تعالى: ألم نجعل الأرض كفاتا (2)، أحياء وأمواتا (3).
" كفات ": - على وزن كتاب - و (كفت) - على وزن كشف - هو جمع وضم الشئ للآخر، ويقال أيضا لسرعة طيران الطيور " كفات " لجمعه لأجنحته حال الطيران السريع حتى يتمكن من شق الهواء والتقدم أسرع.
والمراد هو أن الأرض مقر لجميع البشر: إذ تجمع الأحياء على ظهرها وتهئ لهم جميع ما يحتاجونه، وتضم أمواتهم في بطنها، فلو أن الأرض لم تكن مهيئة لدفن الأموات لسببت العفونة والأمراض الناتجة منها فاجعة لجميع الأحياء.
نعم، إن الأرض هي كالأم التي تجمع أولادها حولها وتضمهم تحت أجنحتها، وتغذيهم، وتلبسهم، وتسكنهم، وتقضي جميع حوائجهم، وتحفظ