وإذا قيل إن أهل الجنان ينظرون إلى غير الله تعالى أيضا، فإننا نقول: إذا نظروا إلى غيره فإنهم سوف يرون آثار الله فيها، والنظر إلى الأثر هو نظر إلى المؤثر، وبعبارة أخرى أنهم يرونه في كل مكان. ويرون تجلي قدرته وجلاله وجماله في كل شئ، ولذا فإن نظرهم إلى نعم الجنان لا يجرهم إلى الغفلة عن النظر إلى ذات الله.
ولهذا السبب ورد في بعض الروايات في تفسير هذه الآية: (إنهم ينظرون إلى رحمة الله ونعمته وثوابه) (1) لأن النظر إلى ذلك هو بمثابة النظر إلى ذاته المقدسة.
قال بعض الغافلين: إن هذه الآية تشير إلى شأنه في يوم القيامة، ويقولون: إن الله سوف يرى بالعين الظاهرة في يوم القيامة. والحال إن مشاهدته بالعين الظاهرة تستلزم جسمانيته. والوجود في المكان، والكيفية والحالة الخاصة وجود جسماني، ونعلم أن ذاته المقدسة منزهة عن مثل هذا الاعتقاد الملوث، كما اعتمد القرآن هذا المعنى في آياته مرات عديدة، منها ما في الآية (103) من سورة الأنعام: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهذه الآية مطلقة لا تختص في الدنيا.
على كل حال فإن عدم النظر الحسي إلى الله تعالى أمر واضح لا يحتاج البحث فيه أكثر من هذا، ويقر بذلك من له أدنى اطلاع على القرآن والمفاهيم الإسلامية.
وقال البعض في معنى الناظرة أقوالا أخرى مثلا: ناظرة من مادة الانتظار، أي أن المؤمنين لا ينتظرون شيئا إلا من الله تعالى، وحتى أنهم لا يعتمدون على أعمالهم الصالحة وأنهم ينتظرون رحمة الله ونعمته بشكل دائم.
وإذا قيل إن هذا الانتظار سيكون مصحوبا مع نوع من الانزعاج، والحال