(إبل سدى) في الإبل السائبة التي تترك بلا راع.
والمراد من (الإنسان) في هذه الآية هو المنكر للمعاد والبعث، فيكون معنى الآية: كيف يخلق الله هذا العالم العظيم للإنسان ولا يكون له هدف ما؟ كيف يمكن ذلك والحال أن كل عضو من أعضاء الإنسان خلق لهدف خاص، فالعين للنظر، والأذن للسمع، والقلب لإيصال الغذاء والأوكسجين والماء إلى جميع الخلايا، حتى أن لخطوط أطراف أصابع الإنسان حكمة، ولكن يحسب أن لا هدف في خلق كل ذلك، وهو مهمل لا تخطيط فيه وليس له من أمر ونهي ومهام ومسؤولية، فلو صنع شخص ما صنعة صغيرة لا فائدة فيها فإن الناس سوف يشكلون عليه ذلك ويحذفون اسمه من زمرة العقلاء. فكيف يمكن لله الحكيم المطلق أن يخلق خلقا لا هدف له؟!
وإذا قيل أن الهدف من هذه الحياة هو قضاء أيام الدنيا، هذا الأكل والنوم المكرر الممزوج بآلاف الأنواع من الآلام والعذاب، فإن هذا لا يمكن أن يكون مبررا لذلك الخلق الكبير. ولذا فإننا نستنتج من أن الإنسان قد خلق لهدف أكبر، أي الحياة الخالدة في جوار رحمة الله والتكامل المستمر والدائم (1).
ثم انتهى إلى تبيان الدليل الثاني، فيضيف تعالى: ألم يك نطفة من مني يمنى وبعد هذه المرحلة واستقرار المني في الرحم يتحول إلى قطعة متخثرة من الدم، وهي العلقة، ثم أن الله تعالى يخلقها بشكل جديد ومتناسب وموزون ثم كان علقة فخلق فسوى.
ولم يتوقف على ذلك: فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى.
أليس من يخلق النطفة الصغيرة القذرة في ظلمة رحم الأم ويجعله خلقا جديدا كل يوم، ويلبسه من الحياة لباسا جديدا ويهبه شكلا مستحدثا ليكون بعد