ثم يضيف: والليل إذ أدبر، والصبح إذا أسفر. (1) في الحقيقة أن هذه الأقسام الثلاثة مرتبطة بعضها بالآخر ومكملة للآخر، وكذلك لأننا كما نعلم أن القمر يتجلى في الليل، ويختفي نوره في النهار لتأثير الشمس عليه، والليل وإن كان باعثا على الهدوء والظلام وعنده سر عشاق الليل، ولكن الليل المظلم يكون جميلا عندما يدبر ويتجه العالم نحو الصبح المضئ وآخر السحر، وطلوع الصبح المنهي لليل المظلم أصفى وأجمل من كل شئ حيث يثير في الإنسان إلى النشاط ويجعله غارقا في النور الصفاء.
هذه الأقسام الثلاثة تتناسب ضمنيا مع نور الهداية (القرآن) واستدبار الظلمات (الشرك) وعبادة (الأصنام) وطلوع بياض الصباح (التوحيد)، ثم ينتهي إلى تبيان ما أقسم من أجله فيقول تعالى: إنها لاحدى الكبر. (2) إن الضمير في (إنها) إما يرجع إلى " سقر "، وإما يرجع إلى الجنود، أو إلى مجموعة الحوادث في يوم القيامة، وأيا كانت فإن عظمتها واضحة.
ثم يضيف تعالى: نذير للبشر. (3) لينذر الجميع ويحذرهم من العذاب الموحش الذي ينتظر الكفار والمذنبين وأعداء الحق.
وفي النهاية يؤكد مضيفا أن هذا العذاب لا يخص جماعة دون جماعة، بل:
لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر فهنيئا لمن يتقدم، وتعسا وترحا لمن يتأخر.