ثم تعود مباشرة بعد ذكر هذه الآية إلى التأكيد على تلك الأهداف الثلاثة، إذ يعتمد مجددا على إيمان أهل الكتاب، ثم المؤمنين، ثم على اختبار الكفار والمشركين، فيقول: ولا يرتاب الذين اتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا (1).
وأما من يقصد به في قوله: الذين في قلوبهم مرض فقيل المراد منهم المنافقون، لأن هذا التعبير كثيرا ما ورد فيهم في آيات القرآن كما هو في الآية (10) من سورة البقرة التي تتحدث حول المنافقين بقرينة الآيات السابقة لها واللاحقة حيث نقرأ: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وبهذا الدليل تمسكوا بمدنية الآية السابقة، لأن المنافقين نشؤوا في المدينة عند اقتدار الإسلام وليس بمكة، ولكن تحقيق موارد ذكر هذه العبارة في القرآن الكريم يشير إلى أن هذه العبارة غير منحصرة بالمنافقين، بل أطلقت على جميع الكفار والمعاندين والمحاربين لآيات الحق، وعطفت أحيانا على المنافقين حيث يمكن أن يكون دليلا على ثنائيتهم، فمثلا نقرأ في الآية (49) من سورة الأنفال:
إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم وكذا في الآيات الأخرى، لذا ليس هناك دليل على نفي مكية الآية، خصوصا لما من توافق وارتباط كامل من الآيات السابقة لها والتي تشير بوضوح إلى مكيتها.
ثم يضيف حول كيفية استفادة المؤمنين والكفار الذين في قلوبهم مرض من كلام الله تعالى: فيقول تعالى: كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء.
إن الجمل السابقة تشير بوضوح إلى أن المشيئة والإرادة الإلهية لهداية البعض واضلال البعض الأخر ليس اعتباطا، فإن المعاندين والذين في قلوبهم