ودليل ذلك قوله تعالى: وما يعلم جنود ربك إلا هو.
وأما عن سبب اختيار هذا العدد من ملائكة العذاب، فلا يدري أحد عن ذلك شيئا، ولكن احتمل البعض أن المراد من ذلك هو لكون أكبر عدد للآحاد وأقل عدد للعشرات، وقيل لكون أصول الأخلاق الرذيلة ترجع إلى 19 أصل ظاهرة وباطنة، فلذا تكون كل رذيلة من الرذائل عاملا للعذاب الإلهي، وإن طبقات جهنم هي تسع عشرة طبقة أي بعددها، ولكل طبقة ملك أو مجموعة من الملائكة مأمورين بالعذاب.
ومن المؤكد أن الأمور المرابطة بالقيامة والجنان والجحيم وجزئياتها وخصوصياتها غير واضحة لدينا تمام الوضوح، ونحن نعيش في هذا المحيط المحدود، والذي نعرفه إنما يتعلق بكلياتها، لذا نجد في الروايات أن لهذه الملائكة قدرات عظيمة بحيث يمكن لكل ملك أت يقذف قبيلة كبيرة في جهنم بسهولة، ومن هنا يتضح ضعف وعجز أفكار أناس من قبيل أبي جهل، إذ أنه لما سمع بالآية جاء مستهزئا إلى قريش، وقال: ثكلتكم أمهاتكم ألم تسمعوا ما يقوله ابن أبي كبشة (بعني بذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) (1) يقول إن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم؟!
فقال أبو الأسد الجمحي وكان شديد البطش: أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين (2) لقد أراد السفهاء أن يطفئوا بهذه السخرية نور الحق، وأن يتخلصوا بذلك من الفناء المحتم.