" رصد ": في الأصل مصدر، ويراد به الاستعداد للمراقبة من شئ، ويطلق على الاسم الفاعل والمفعول، ويستعمل في المفرد والجمع، أي يطلق على المراقب والحارس أو على المراقبين والحرس.
ويراد به هنا الملائكة الذين يبعثهم الله مع الوحي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحيطوه من كل جانب، ويحفظوا الوحي من شر شياطين الجن والإنس ووساوسهم: ومن كل شئ يخدش أصالة الوحي، ليوصلوا الرسالات إلى العباد من دون خدش أو زيادة أو نقصان، وهذا هو دليل من الأدلة على عصمة الأنبياء (عليهم السلام) المحفوظين من الزلات والخطايا بالإمداد الإلهي والقوة الغيبية، والملائكة.
في بحثنا للآية الأخيرة التي تنهي السورة تبيان لدليل وجود الحراس والمراقبين فيقول: ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط لما لديهم وأحصى كل شئ عددا (1).
المراد من العلم هنا هو العلم الفعلي، وبعبارة أخرى ليس معنى الآية أن الله ما كان يعلم عن أنبيائه شيئا ثم علم، لأن العلم الإلهي أزلي وأبدي وغير متناه، بل إن المراد هو تحقق العلم الإلهي في الخارج، ويتخذ لنفسه صورة عينية واضحة، أي ليتحقق إبلاغ الأنبياء ورسالات ربهم ويتمموا الحجة بذلك.
* * *