ومسبل الوهاد، ومخصب النجاد، ليس لأوليته ابتداء، ولا لأزليته انقضاء، هو الأول لم يزل، والباقي بلا أجل خرت له الجباه، ووحدته الشفاه، حد الأشياء عند خلقه لها إبانة له من شبهها، لا تقدره الأوهام بالحدود والحركات، ولا بالجوارح والأدوات، لا يقال: متى؟ ولا يضرب له أمد بحتى، الظاهر لا يقال: مما؟ والباطن لا يقال: فيما؟ لا شبح فيتقضى ولا محجوب فيحوى، لم يقرب من الأشياء بالتصادق، ولم يبعد عنها بافتراق، لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة، ولا كرور لفظة، ولا ازدلاف ربوة، ولا انبساط خطوة في ليل داج، ولا غسق ساج، يتفيؤ عليه القمر المنير، وتعقبه الشمس ذات النور في الأفول والكرور وتقلب الأزمنة والدهور من إقبال ليل مقبل وإدبار نهار مدبر، قبل كل غاية ومدة، وكل إحصاء وعدة، تعالى عما ينحله المحددون من صفات الاقدار، ونهايات الأقطار، وتأثل المساكن، وتمكن الأماكن، فالحد لخلقه مضروب، وإلى غيره منسوب، لم يخلق الأشياء من أصول أزلية، ولا أوائل أبدية بل خلق ما خلق فأقام حده، وصور ما صور فأحسن صورته ".
وفي النهج: من خطبة له عليه السلام: " ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عنى من شبهه، ولا صمده من أشار إليه وتوهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة، غنى لا باستفادة، لا تصحبه الأوقات، ولا ترفده الادوات، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، والوضوح بالبهمة، والجمود بالبلل، والحرور بالصرد، مؤلف بين متعادياتها، مقارن بين متبائناتها، مقرب بين متباعداتها، مفرق بين متدانياتها، لا يشمل بحد، ولا يحسب بعد، وإنما تحد الادوات أنفسها، وتشير الآلة إلى نظائرها، منعتها " منذ " القدمة، وحمتها " قد " الأزلية، وجنبتها " لولا " التكملة، بها تجلى صانعها للعقول، وبها امتنع عن نظر العيون، لا يجرى عليه السكون والحركة، وكيف يجرى عليه ما هو أجراه؟ ويعود فيه ما هو أبداه؟ ويحدث فيه ما هو أحدثه؟ إذا لتفاوتت ذاته، ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولكان له وراء إذا وجد له أمام ولا لتمس